وأخيرا عملها وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، وفجر قنبلة كان منتظرا منه أن يفجرها في الجامعة العربية لتصيب شظاياها دولا عربية متشددة في القضايا الخلافية كالملف السوري والحرب ضد داعش والتوصيفات التي أخذ سفراء ووزراء خارجية عرب يطلقونها على قوات الحشد الشعبي التي تشكلت بفتوى دينية من المرجع الأعلى للشيعة السيستاني.
بعد أن رفض الجعفري توصيف دول مجلس التعاون الخليجي لحزب الله بأنه منظمة إرهابية، عاد ليتحدث في كلمته أمام وزراء خارجية الدول العربية عن الحشد الشعبي بوصفه حام العرب في مواجهة تنظيم داعش الذي بدأ من شمال العراق وأعلن إنه سيتمدد ليسقط الأنظمة العربية جميعها مرورا ببغداد، وقال، إن الذين يهاجمون الحشد الشعبي هي دول إرهابية وتدعم الإرهاب.
الجعفري، عبر في كلمته أمام نظرائه العرب عن دعمه لزعيم حزب الله حسن نصر الله، واصفا إياه بالبطل العربي المدافع عن القيام، وإن الدول التي صنفت الحزب كمنظمة إرهابية هي الإرهابية وإنها تدعم الإرهاب. التصريحات النارية للجعفري دفعت الوفد السعودي الى مغادرة القاعة على الفور إحتجاجا، الأمر الذي يثير المزيد من التساؤلات عن الخطوات اللاحقة التي ستتخذها بغداد لتبدو أكثر جرأة في مواجهة العرب المتشددين، وعن الرد السعودي المحتمل بعد أن عاقبت لبنان بوقف تقديم المنحة المالية لشراء السلاح من فرنسا، ثم حولت الصفقة لصالح جيشها؟
العراق بحاجة الى مواقف غير إنفعالية، ويتطلب ذلك الرد بحزم في المواقف التي يريد بعض العرب إظهاره بالتابع، ومعروف إن العراق كان غالبا ماينفعل في حال أي سلوك غير مقبول يبدر من دول في الخليج، وليس ببعيد موقف صدام حسين من السعودية والكويت بعد تنصلهما من عهودهما بدعمه في الحرب ضد إيران، ثم مطالبة دول مجلس التعاون الخليجي بتسديد ديون لقاء أموال قدمتها للعراق ليستمر في الحرب على إيران حيث إكتشف صدام حسين إن أشقاءه العرب كانوا يريدون أن يقرضوه الأموال ليحارب إيران الشيعية ثم إنهم إنقلبوا عليه عندما إنتهت الحاجة إليه وصاروا يطلبونه بأموالهم التي قدموها لتأمين صفقات السلاح ودعم المجهود الحربي، فكان الهجوم الكارثي على الكويت. واليوم يبدو العراق في وضع مختلف فهو ليس بحليف لدول الخليج ويبدو أكثر قربا لإيران من عواصم الدول المطلة على الخليج الدافئ.
الواضح تماما إننا سنواجه في الفترة المقبلة خيارات صعبة تشي ببقاء الأوضاع السيئة على حالها هذا إذا لم تتطور الى الأسوأ، وهو المرجح بظني لتمسك الأطراف العربية والإقليمية وحتى العربية بمواقفها من مشاكل المنطقة وسيكون علينا دفع المزيد من الأثمان القاسية.