بغض النظر عما آلت اليه الأمور من غياب الرؤيا وفقدان ضوابط معيارية العدالة في الحكم وما نتج من اخطاء جسيمة لحكومتي المالكي المتعاقبتين في سلم السلطة، تارة بما حدث من خروج اعتى قيادات التنظيم الإرهابية من سجن أبوغريب المركزي وما لحقها من استحواذ داعش على المال العام في البنوك الموصلية اثر اجتياح فصائله للمدينة .. ناهيك عن التراكم الطائفي لممارسات السلطة اثر التظاهرات في المناطق الغربية وبذلك وفر المالكي لداعش الأركان الثلاثة المهمة وهي الموارد البشرية والمالية والتعبئة الثقافية للاعداد الطائفي مما جعلها قوة تزداد ضراوة حتى احتلت ثلث العراق.لكن فتوى الجهاد الكفائي للأمام السيستاني زعيم الحوزة الدينية النجفية التي حافظت الى حد ما على ايقاف تغول ولاية الفقيه الإيرانية في الوسط الحوزوي النجفي .. تعد صماما للتصدي للهجمة الداعشية وتمددها .. ورغم الالتفاف الذي حدث على فتوى المرجعية من قيادات الميليشيات التي تصدرت المشهد القيادي …
حتى تحدثنا في مقالات عدة عن ضرورة الفصل بين المتطوعين ممن جاء منهم باستجابة روحية عقائدية لفتوى المرجع الديني السيستاني وبين من يريد ان يسيس تلك الجموع التي لبت نداء مرجعية النجف الرشيدة.وقد بينا وقتها ان المتطوعين يجب ان يصنفوا الى صنفين:المحور الاول: المتطوعين الراغبين ان يكونوا جنودا على الملاك الدائم يسجلون على وزارة الدفاع كجنود متطوعين لتشكيل وحدات عسكرية مضافة الى قطعات الجيش… وبذلك نضمن تواجد جنودا اشداء يحملون العقيدة الوطنية بنداء الجهاد المقدس.المحور الثاني: هم المتطوعون الذين لبوا نداء المرجعية ولا يرغبون ان يكونوا جنودا متطوعين على الملاك الدائم وبذلك يعاملون كجنود احتياط يشملون بكافة مزايا العسكريين من رواتب وحقوق ويمكن تسريحهم بقرار من القائد العام للقوات المسلحة حال زوال الخطر عن البلاد …
وبذلك تجنب استنساخ التجربة الإيرانية في تشكيل الحرس الثوري كقوة موازية لها العلو على قطعات الجيش العراقي.
لقد تسارعت الاحداث وتشابكت المفاهيم والرؤى المعيارية لاصدار القرارات العربية من جامعة الدول العربية وتعثرت الدبلوماسية العراقية في خطواتها للفصل ما بين اللبّس في التوصيف حتى سارع الوزير الجعفري بذبح القيم الوطنية والعقائدية لمتطوعي الحشد الشعبي حين دمجهم مع حزب الله بخطوة غبية.
كان على الجعفري الذي مارس دورا لا يرتقي ان يكون وزير خارجية العراق…ان يطعن بالقرار العربي بتوصيف حزب الله ارهابيا ان يطلب من وزراء الخارجية العرب تضمين قرار الادانة منظمة حماس لان ما يمارسه حزب الله من مصادرة المشهد السياسي في بيروت هو ذاته الذي تمارسه حماس على شعبنا الفلسطيني في غزة .. اما ادانة وتوصيف الارهاب لذات المنظمتين .. او توصيف واحدة بالارهاب بغية معاقبتها ودعم الاخرى شبيهتها ذلك ظلما وتجني في اعتماد معيارية العدالة.
ولو سال سائل لماذا تذهب الى هذه الفكرة …
فالإجابة ان العراق عانى من تدخلات حزب الله في صنع وتدريب الميليشيات في العراق بعد عام ٢٠٠٣ ولحد الان بالتعاون مع الحرس الثوري في طهران … وما وصل من انتحاريين فلسطينين مجندين من حماس حصد آلاف العراقيين تحت شعار مقاومة المحتل… حيث نجد الانتحاريين الفلسطينين يفجرون أنفسهم في شوارع بغداد على المدنيين دون الذهاب الى القواعد الامريكية… ويمكن لذلك الطلب ان تسانده مصر لما عانت من الممارسات الإرهابية والتدخل في شؤونها من قبل حماس إبان الانتفاضة المصرية.
اما الحشد الشعبي فله توصيف اخر كونه مؤسسة محلية وضعت لها الهيكلية ضمن القوات المسلحة ترتبط وظيفيا وعسكريا وفق القانون بالقائد العام للقوات المسلحة العراقية على الرغم من تحفظنا على مصادرة جزء من المشهد من قبل بعض قيادات الميليشيات ولكن الفيصل بالحكم هو الغطاء الروحاني لتلك القوات دعوة الامام السيستاني ووظيفيا انهم جزء من قطعات القيادة العامة للقوات المسلحة. ولفك الاشتباك في ضبابية المشهد وبلادة الرد للدبلوماسية العراقية الذي جاء متوترا سارعت الخارجية الامريكية لارسال موظف رفيع المستوى وهو القنصل الامريكي في البصرة لزيارة جرحى الحشد الشعبي في المستشفيات البصرية وايصال رسالة الادارة الامريكية مفادها:”الشعبان والقيادتان العراقية والأمريكية فخوران ببطولاتكم”فشكرا لمعيارية العدالة في مؤسسة الخارجية الامريكية ..
والعزاء لجامعة الدول العربية لانتقائيتها معالجة الاٍرهاب وحواضنه وفق معايير طائفية .. والخجل من الجهة الحكومية التي ادخلت جمهورا مجندا لساحات المطار التي اعتادت لا تسمح لاي شخص بالدخول لغير المسافرين إلا من يمتلك تذكرة السفر والسؤال:من سمح لذلك الجمهور بالدخول لصالات المطار لاستعراض امام وزير الخارجية المنهزم في دبلوماسيته؟على المدعي العام إقامة الدعوى على الجعفري بثلاث تهم:الاولى: تظليل الراي العام …والثانية: استنهاض الجانب الطائفي وتوظيفه …والثالثة: العجز عن اداء المهام الوظيفية في مجاراة الأداء الدبلوماسي.