الدين كغيره من نعم الله التي أنعم بها على الإنسان لتنظيم حياته الدنيوية بما يكفل له سعادته الأخروية و هو كما غيره من نعم الله سلاح ذو حدين حسب الفهم و التطبيق و الاستغلال , و لعل خطر الدين أكبر من غيره كونه يحمل جنبة عقائدية تهيمن على فكر الإنسان و تنعكس في سلوكه و تتحول إلى ثقافة مجتمعية عامة مبنية على الرمزية في القيادة و غلبة النزعة الروحية في سلوكيات الإفراد. وعندما يبتعد الدين عن منبعه و تكتنفه رغبات المفسدين تنقدح عنده شرارة الخطر , ومن هنا أصبحت كل الديانات الإلهية ومنها ديننا الإسلامي وسيلة و أداة بيد النفعيين و تم تقسيمها بمشرط الطائفية التي جعلت من أبناء الإسلام بل أبناء التوحيد يأكل بعضهم بعضاً , و مسرح الأحداث في المنطقة وكما هو حال العراق و سوريا و اليمن و ليبيا خير شاهد على توظيف الدين و الطائفية لتحقيق مصالح أنظمة و جهات محلية و إقليمية و دولية من خلال نقل الاختلاف الديني و المذهبي من إطاره الفكري إلى الإطار العملي الميداني و تعزيزه بقوة السلاح و فتاوى التكفير و القتل و الإرهاب على يد علماء السوء من منتحلي التشيع و التسنن , و ضمن مشهد الظلام الطائفي الدامس كان هناك بصيص أمل حمله المرجع العراقي الصرخي الحسني ضمن منظومة فكرية متكاملة من البيانات و الخطابات و اللقاءات و المحاضرات العقائدية و التاريخية رفضت النزعة التطرفية في الفكر و السلوك لدى رموز الفريقين . ولم يقتصر دور المرجع العراقي الصرخي الحسني على تأسيس المنظومة الفكرية العابرة لإطار الطائفية على مستوى النظرية فقط بل استكملها بالتجسيد العملي و الميداني من خلال سلوكيات و منهج أتباعه و مريديه و التي جعلت منه ومنهم عنصراً فريداً في وسط مجتمع تسالمت زعاماته الدينية و السياسية و الاجتماعية ومن الفريقين على رفع شعار الطائفية فكراً و تطبيقه سلوكاً ليبدأ معها عهد الإبادة المتبادلة تحت ذريعة الدفاع عن آل البيت و الصحابة . و بالرغم مما يمتلكه خط التطرف و الغلو و التكفير و الطائفية من إمكانيات مالية و عسكرية و اقتصادية و سياسية تقودها دول و محاور و معسكرات إلا أن ذلك لم يثن المرجع الصرخي عن مشروعه الرافض للطائفية حتى كان هو وأتباعه ضحية لمنهجهم الإنساني الإسلامي الوسطي المعتدل ضمن سلسلة اعتداءات متكررة تمثلت بالاعتقالات في زمن النظام البائد ثم الاعتداءات المسلحة من قبل قوات الاحتلال الأمريكي عام 2004 و من ثم اعتداءات حكومة الاحتلال عام 2006 و 2012 و 2014 و بمباركة و تخطيط و دعم وتنفيذ إيراني , و نجد هذا المنهج المعتدل و الشمولي في عمقه الإسلامي و الإنساني في سلسلة بيانات المرجع الصرخي و منها بيان رقم (81) –((الموت ولا المذلة … هيهات منا الذلة)) الذي حيى فيه انتفاضة الشعب السوري في أول أيامها قبل أن تصادرها التنظيمات التكفيرية و الإرهابية و بدعم إقليمي , وبيان رقم (76) –((ليبيا الانتفاضة والصمود)) الذي حيا فيها انتفاضة الشعب الليبي , وبيان رقم (75) –((مصر الثورة والقدوة)) الذي حيا فيه انتفاضة شعب مصر الكنانة . وبيان رقم (72) –((الحذر الحذر من طائفية ثانية)) الذي حذر فيه من غبن حق المحافظات العراقية الغربية في تقسيم مقاعد البرلمان العراقي , و بيانه رقم – 31 –(( حرمة الطائفية…حرمة التهجير …حرمة الإرهاب والتقتيل )) , ولعل بيانه رقم (56) – (( وحدة المسلمين …. في …. نصرة الدين )) يعد دستوراً متكاملاً في فهم معنى الوحدة الإسلامية و الإنسانية بمعناها الواقعي لا المثالي و التي تحترم خصوصيات أبناء مذاهب الإسلام و ترفض أن يتم إقحام الخلافات و الاختلافات الفكرية خارج نطاق النقاش و البحث العلمي . هذه المنظومة الفكرية من البيانات و الخطابات تعكس مدى الشمولية و العمق الإنساني و الإسلامي لدى المرجع العراقي الصرخي الحسني و الذي يحتاج أبناء الإسلام و الإنسانية جمعاء لأمثاله من اجل إيقاف نزيف الدم و سفكه باسم الدين الذي هو من المفترض جاء لحقن الدماء و حفظ الأنفس والأموال و الإعراض للناس مهما كانت دياناتهم حتى الملحدين و ترك ترتيب العقاب و الثواب لخالق الخلق يوم الحساب .