عبود يسكن إحدى المناطق الشعبية في بغداد، يتحسر كثيرا؛ لأنه لم يشارك في “الفرهود” الذي أعقب سقوط الصنم، فلم تتهيأ له الفرصة لسرقة مصرف، أو نهب دوائر الدولة، فهو ينتظر بفارغ الصبر، عودة ذلك اليوم، الذي طال إنتظاره.لكني وجدت عبود، متحمس وسعيد هذه الأيام، بالتظاهرات الصدرية ضد الفساد، حتى يكنس الفاسدين بمكنسته، وأنه سيكون أول الداخلين، إلى المنطقة الخضراء.إن ظاهرة عبود، ليست غريبة على العراقيين، بعد الذي حصل، عقب سقوط الصنم، ونهب ممتلكات الدولة، وشيوع الفوضى، هذا الأمر جعل السيد الصدر، يحذر من”الفرهود” في خطابه، للمتظاهرين الجمعة السابقة، وهذا لم يأت من فراغ، فالتهديدات الصدرية بالتظاهر ،على أسوار الخضراء حصلت، وبقي تنفيذ التهديد الآخر، وهو دخول المنطقة الخضراء.ماذا يعني إقتحام الخضراء، عبر المتظاهرين؟ بالتأكيد إسقاط الحكومة، وحدوث الفوضى، وهذا ما ذكره الصدر في خطابه، بأنه(يحذر من العودة إلى نقطة الصفر)وهذا يعني أننا، نعود إلى المربع الأول، في(2003)أو ماهو أسوأ.وهنا تبرز عدة أسئلة، هل سيسمح الأمريكان، بإسقاط العملية السياسية، وإقتحام المنطقة الخضراء، وفيها أكبر سفارة أمريكية في العالم؟ وماذا سيكسب داعش من ذلك؟ وهل ستقبل؟ إيران وماذا ستفعل؟ وكيف سيكون تأثير، تدخل المرجعية العليا؟هذه القراءة لسيناريو، نتمنى أن لا يحصل؛ لكنه متوقع الحصول، فالتدخل الأمريكي، سيكون واردا لحماية سفارتهم، ولن يسمحوا لعدوهم اللدود، التيار الصدري في الهيمنه على مقاليد الأمور، حتى لو دخلت في حرب مباشرة معهم.أما داعش فهم أكثر المستفيدين، من أي إضطرابات تحصل في بغداد، ويتمدد على حساب تلك الخلافات، ولا نستبعد دخوله مناطق غرب بغداد، والتي فيها خلاياه النائمة، أما المرجعية سيكون لها، موقف حاسم ومؤثر، إن حصل خرق كبير، أو تهديد للوطن، أما إيران ستقف ضد أي محاولة، تزعزع الوضع السياسي، وتقديم خدمة مجانية لدعش.نعم المظاهرات السلمية والقانونية، التي تنطلق بالتنسيق مع الجهات الأمنية، وفي المكان المحدد، هو أمر شرعي، ونحن أحوج مانكون إلى الضغط الجماهيري، لتصحيح الأمور، وتغييرها نحو الأفضل لا الأسوأ.ما لا حظناه في التغطية الإعلامية، لتلك التظاهرات، هو أن القنوات الشيعية عتمت عليها، بينما القنوات السنية والبعثية، هللت لها، وخصصت لها تغطية خاصة، ومساحة أوسع، حيث وصفت الشرقية، السيد الصدر(بأنه ينتصر لتاريخ عائلته) والبغدادية، أطلقت على السيد(الثائر) وبقية القنوات المشبوهة، أخذت تطبل لتلك الإحتجاجات، وإن كانت على حق، فالأمر يثير الشك والريبة!مشكلة الحكم في العراق، تكمن في البديل، فصدام المجرم، كان بديله أسوأ منه، في بعض الجوانب ، وتظاهرات المناطق الغربية، ضد الحكومة السابقة(تظاهرة العز والكرامة)كان البديل لها داعش، وما حصل من ويلات ودمار، على أبناء تلك المناطق، ونحن نخشى من بديل، تلك الحكومة الفاسدة، أن يكون أسوأ وأفسد منها، ما يجعلنا نترحم على الأيام الماضية، ولن يستفيد إلا “عبود أبو الفرهود”.