جاء جواب المرجعية الدينية ردا على رسالة قيادة حزب الدعوة – التي طالبت المرجعية بإبداء رأيها – بعد ازمة انتخابات عام 2014 كموقف سياسي من باب المسؤولية الشرعية لا من باب الفتوى الدينية في رسالة خاصة الى الحزب تم نشرها لاحقا جاء فيها: ” انني أرى ضرورة الاسراع في اختيار رئيس جديد للوزراء يحظى بقبول وطني واسع ويتمكن من العمل سوية مع القيادات السياسية لبقية المكونات لإنقاد البلد من مخاطر الارهاب والحرب الطائفية والتقسيم “.كان هذا الموقف نتيجة لقناعة المرجعية ان الأمور وصلت الى طريق مسدود، متأملة اصلاح الواقع وفق ما شخصته من خلل ووجهته من نصح حفظا للمصلحة الوطنية، وللضغوط من القوى السياسية التي راسلت المرجعية رافضة الولاية الثالثة في ظل ظروف خطيرة تمثلت باستيلاء تنظيم داعش على مساحات شاسعة منالأرض العراقية واستمرار نزف الدماء وتشريد مئات الالاف من الأبرياء. اثبتت فتوى الجهاد الكفائي التي كانت ثمرة تواصل بين مرجعية النجف “السيد السيستاني” ومرجعية قم “الامام الخامنئي” وجود تنسيق عالي المستوى بين المرجعيتين الكبريين في العالم الإسلامي الشيعي اسقط كل تقولات التنافس بين المحورين لتؤكد وجود أدوار تكاملية على الأقل في القضايا الكبرىوالمصيرية رغم تحفظ الجمهورية الإسلامية على ابعاد السيد المالكي لتخوفها مما يعد للعراق من مخطط خطير.كانت رسالة الرد من المرجعية على قيادة حزب الدعوة واضحة في ضرورة اجراء تغيير واختيار رئيس جديد للوزراء بناء على قناعة معينة على امل تقليل الخسائر وتحقيق حالة من الاجماع الوطني تتجاوز حالة الانسداد السياسي وتفتح قناة معبدة في طريق المسار السياسي المسدود ظاهرا بسبب تمسك المالكي بالولاية الثالثة. لم يرضخ السيد المالكي لموقف المرجعية الأخير رافضا التنازل عن استحقاقه الانتخابي ما دفع التحالف الوطني الى اجراء مباحثات مكثفة نتج عنها ترشيح عدة شخصيات كان اقربها للموقع السيد طارق نجم إضافة الى إبراهيم الجعفريوعادل عبد المهدي وحسين الشهرستاني وحيدر العبادي الا ان الرفض المطلق من طارق نجم ورغبة الكتل السياسية بوجود شخصية ضعيفة لا تمتلك ثقلا برلمانيا تتمكن من خلال وجودها في موقع رئيس الوزراء تمرير اجنداتها وتحقيق أهدافها دفع السيد ابراهيم الجعفري للعب دور كبير يشوبه الغموض والسرية في ترشيح ودعم الدكتور العبادي الذي حصل على دعم إقليمي ودولي كبير بمجرد الإعلان عن ترشيحه وتكليفه من قبل رئيس الجمهورية بساعات وقبل تشكيل كابينته الحكومية في مخالفة واضحة للأعراف الدولية والدبلوماسية التي اعتادت على المباركة بعد تشكيل الحكومة لا عند تعيين او انتخاب رئيسها!.بعد عام ونصف من تشكيل الحكومة استمرت المرجعية في ممارسة دور النصح والإرشاد والتوجيه دون جدوى الى ان انطلقت التظاهرات المطالبة بالإصلاح ما دفع المرجعية للطلب من رئيس الحكومة الضرب بيد من حديد واجراء اصلاحات حقيقية رد عليها السيد العبادي بإجراءات تقشف ومحاولات ترقيع الامر الذي اضطر المرجعية لإغلاق ابوابها من جديد بوجه المسؤولين ولتتبلور لديها القناعة ووفق جدول زمني محدد بضرورة ابعاد السيد العبادي الذي تعتقد انه كان لها دور غير مباشر في ترشيحه وتكليفه بدعوتها لاختيار رئيس وزراء جديد وادى خذلانه لها في الاساءة لمقام المرجعية بحسب استقراء مجسات المرجعية للشارع لا سيما مع الفشل الحكومي الكبير ومع تضاعف مخاطر التقسيم وعودة التموضع العسكري الاميركي في بعض مناطق العرق واستمرارنزيف الفساد ومخاطر الازمة المالية وضعف فرص معالجتها.تدرجت المرجعية في اتخاذ المواقف الرافضة لسلوك الطبقة السياسية الحاكمة لتعلن ان صوتها قد بح من المطالبة بتصحيح الوضع ومكافحة الفساد قبل ان تعلن ايقاف الخطبة السياسية لصلاة الجمعة في اسلوب جديد في مخاطبة القوى السياسية والحكومة التي اعتادت على التعامل مع المطالب على طريقة الصم والبكم لكن صمت المرجعية فهمته القوى انه خطاب موجه لها وبنفس لغتها لتؤثر فيها ما دفع رئيس الوزراء الى ضرورة اجراء اصلاحات ملقيا الكرة في ملعب القوى السياسية التي دخلت في سجال عقيم ليبادر السيد مقتدى الصدرللدعوة الى تشكيل حكومة تكنوقراط خلال 45 يوما بعيدة عن المحاصصة ملوحا بسحب الثقة الا ان عدم التعاطي معها من رئيس الحكومة والقوى السياسية خوفا من ان تحسب له دفعه لدعوة الجماهير الى الخروج بتظاهرات حاشدة من اجل الضغط لإجراء الاصلاحات.فهل ستعلن المرجعية الدينية موقفها وتدعو الجماهير الى الخروج ايضا للتظاهر دعما للإصلاحات واجراء تغيير حقيقي وفق خارطة طريق مرسومة بعد ان حسمت موقفها من العبادي ام انها ستدعو الى التريث في النزول للشارع وتؤجل السعي لإبعاد العبادي بعد تطورات الاوضاع في الايام الاخيرة مع رغبة اميركا وبعض الجهات الخارجية الطائفية لإثارة الفوضى في الشارع العراقيبعد ان فشلت في سوريا واليمن ولبنان.