أول شيء أقوله، اليوم، أن الزمان السياسي الجديد في بلادنا يسوده قلق آخذ بالازدياد، ليس فقط بسبب وجود تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) وجرائمها المتنوعة بلا عد ولا حساب، بل بسبب وجود كثير من المسئولين الحكوميين غير النجيبين ، ووجود مساحة واسعة في الدولة مليئة بالمنافقين الدجّالين من أمثال ذلك العابث المسمى في بلادنا (حجي قدوري الزرزوري..!) الموجود في كل مدينة وقرية ومحلة عراقية. غايته الأولى معروفة بالإساءة إلى من هو أشرف منه ،وقصده محدود بالإساءة إلى من هو أكفأ منه ..!
هذا المدعو (حجي قدوري الزرزوري) صار له قدم في النظام العراقي الحالي لا تفلت من خياله أي صورة انتهازية – نفعية . كل آماله وأحلامه هدفها تقديم (شهادة) قميئة ضد القامات العراقية ،أصحاب المعارف والكفاءة والنزاهة والشرف.
صار زماننا ، زمان (الشهادات) المرقّعة بالخيش والحشيش لنهب المال العام وثروات الشعب ونقلها في عربات السفر، السري والعلني، إلى البلاد الاجنبية.. فهل يستطيع الدكتور العبادي من خلال منظاره الشخصي أن يميّز بين (الشهادات) الوطنية الحقيقية، والضالة.. أم يظل جالسا على كرسي المنطقة الخضراء يحك بأصابع قدميه منتظراً وحياً إصلاحياً أو مجيء فكرة طارئة..؟
في زمان العهد الملكي كان كل مواطن عراقي يقدم طلباً لشغل وظيفة حكومية ، عليه أن يقدّم ملفاً يحتوي على مجموعة من (الشهادات):
شهادة جامعية.
شهادة الجنسية العراقية.
شهادة من دائرة الشرطة تثبت أنه بلا سوابق جنائية.
اضافة الى شهادة حسن السلوك الصادرة من مختار المحلة مصادق عليها من دائرة الأمن العامة.
أما في زمان حكم صدام حسين فقد تم اضافة (شهادة) أخرى تصدر من منظمة حزب البعث الحاكم توضح أن حاملها كائن بشري ليس معارضاً أو معادٍ للنظام القائم ،بل فو افضل ممثل لعروبة ابي الطيب المتنبي .. !
من دون جميع هذه الشهادات ليس للمواطن حق الوظيفة .
أما في زمان العهد الجديد بعد عام 2003 فقد أضيفت (شهادات) أخرى لكل من يرغب بالتوظف لدى مؤسسات الدولة بتقديم (شهادة دينية) يكون واضح فيها انتماءه أو تبعيته أو صداقته لحركة اسلامية سياسية ..بمعنى أنه من جماعة (الاسلام السياسي) أي من جماعة ( الدين المسيّس) أو من (التطويف المُعبّس) .
في هذه الأيام يدير الرئيس حيدر العبادي رأسه في كل الجهات باحثاً عن وزراء جدد يحلّون محل الوزراء القدامى، الذين ظلت وزاراتهم طيلة الفترة الماضية محشوة بالقطط السمان والفئران، التي اختلطت روائحهم الكريهة بروائح الفساد المالي والاداري والسياسي والاخلاقي حتى صار نبات الفساد الأسود يتسلق كل مؤسسات الدولة العراقية الجديدة ، والرشاوى تغري كل موظف بسيط العقل والحال في مؤسسات الدولة.
لا أدري هل أن الرئيس العبادي الباحث عن وزراء نزيهين كفوءين يمكن أن يجد علامات النزاهة او الكفاءة منقوشة على جباههم أو في صفحات شهاداتهم..؟ هل يتمكن من رؤية خواطرالمرشح للوزارة وماذا في باطنه ، أو يتمكن اكتشاف اسرار عواطف صاحبه وافكاره باطمئنان وسكون..؟
هناك آلاف من المواطنين العراقيين ، تكنوقراط وغيرهم ، ممن هم سعداء واكفاء في بيوتهم او في منافيهم بشتات الأرض الواسعة ممن لم يكشفوا عن تعبدهم في كنيسة أو مسجد ولم يسجنوا عقولهم خلف اسوار (الاسلام السياسي) أو (الدين المسيّس). أبصارهم وعقولهم وعاداتهم وأعمالهم وخطواتهم أكثر جرياً وراء حبهم لوطنهم ، ساعين لإسعاد شعبهم. كل الذي يريدونه هو أن يصير بلدهم عظيما مثل سائر البلاد العظيمة بجهود أبنائها العظماء المخلصين. تُرى هل يبصرهم العبادي أو غيره..؟
المواطن المخلص، التكنوقراط وغير التكنوقراط، موجود ومتوفر في بلاد الرافدين. هو كل إنسان يتصف تاريخه السابق والحالي بالعلم والمعرفة وبحب الوطن .. هو مَنْ كانت حياته مليئة بامثلة المواقف الحية غير المضطربة بأي نوع من انواع التردد او الخوف من (الرأي العام) ومن (الرأي الآخر) ومن مطالب الجماهير الفقيرة .. هو مَنْ لا يكون مخلوقاً شاذاً مثل (الحجي قدوري الزرزوري..!) يغذي ذاته بحب نفسه ونرجستيه ومنافعه الفردية ، كما تمخضت اغلب تجارب المسئولين الحكوميين خلال 13 سنة ماضية.
هل يستطيع الرئيس حيدر العبادي أن يشكّل حكومته باختيار الصالح والمصلح من المواطنين العراقيين القادرين على إنقاذ الدولة ومؤسساتها وموظفيها من بقايا عبث الجرذان وطاعونها الفتاك في الفساد المالي الخبيث أم أنه سيقع بنفس (الطاس والحمّام) بتشكيل حكومة زرزورية لا تلتقط غير ثمار أهل الوطن وتُلقي فضلاتها عليهم..؟
مجرد سؤال من دون قصد ..!