بدأ العراقيون يراقبون بجدية إرتفاع مناسيب مياه دجلة، وهم يجدون الخطى مشيناً على الأقدام لتجاوز الزحامات ، ولاسيما تلك التي تقفل الجسور وتوقف الحركة، ويبدو أن القلق من إنهيار سد الموصل أخذ يزداد في ظل المعطيات الأخيرة المتمثلة بدعوة الحكومة سكان المناطق المحاذية لمجرى نهر دجلة الى تجنب خطر اندفاع مياه الفيضان الى مناطقهم، والتي جاءت متناغمة مع النذر الأمريكية الموجهة هذه المرة الى مواطنيها في العراق للاستعداد للمغادرة ، تحسباً لإنهيار السد.بالتأكيد لايعرف على الوجه القطعي متى سينهار السد، لكن المؤكد أن الخطر الذي يحمله الطوفان للموصل وحدها أنه سيغمرها بالمياه بارتفاع 21 متراً خلال بضع ساعات، فيما سيمتد الى مدن تكريت وسامراء و بغداد ما بين 24 و72 ساعة، حيث أن ٢٠٧٦٣٢ متراً مكعباً من المياه سيتدفق بسرعه 3.5 كلم في الثانية وبارتفاع 25.3 متر في الساعات التسعة الاولى من الكارثة، مخلفاً أكثر من مليوني عراقي بين غريق ومشرد، إضافة الى خسائر إقتصادية كبيرة، نتيجة إكتساح مياه السيول نحو 500 كيلو متر من الأراضي على إمتداد مجرى نهر دجلة وضفافه. وبرغم هذه المؤشرات الكارثية بشقيها البشري والإقتصادي، لايزال الحديث عن نظرية المؤامرة يطرح كواحدة من المسلمات، لإبعاد خطر إنهيار السد، ولاسيما عندما تأتي التأكيدات من مصادر حكومية ونيابية متخصصة تستبعد وقوع إنهيار السد، عادة تحذيرات الحكومة، التي هي جزء منها، بالروتينية، مشددة على أن عمليات الحقن والصيانة مستمرة، جازمة بأن السد لن ينهار الا إذا إستهدف عسكرياً !!.وهكذا يقف المواطن حائراً في تحديد حقيقة الخطر الذي يتهدده، من يصدق ومن يكذب، فيما تحاصره أزمات عديدة من كل جانب، الى حد لم يعد يستطيع أن يرتب أولوياتها، وفي وقت تتسارع فيه عقارب الساعة نحو المجهول المنتظر، لم تعط شركة تريفي الإيطالية التي أحيل اليها تنفيذ مشروع تأهيل وصيانة السد رأيها حتى الآن، لاندري لعلها تنتظر ماذا تخبئه الأيام لتأتي نتائجها متطابقة مع الواقع، لكن يخشى ساعتها أن يكون مصير العراقي في أعماق المياه وهو يردد أغنية عبد الحليم ” إني أغرق .. أغرق” .