حقيقة وإن كان طعمها مرآ لاذعآ لكنها تزيح غمامة الغفلة من سماء العقل وتوضح معالم الصورة الرمادية التي رافقت جهاد المجاهدين وتغنت بها طيلة عقود من الزمن من وراء حدود الوطن ولا يعرف تفصيلاتها ومداخلاتها من هم في الداخل إلا معلومات كالنزر اليسير ، ومع قلة وندرة هذه المعلومات على مدى عقود كانوا يمنون الانفس بالخلاص من جور الظلم والإضطهاد والتعسف على يد أولئك الملقبون بالمجاهدين ، ولم يطرأ بخلد أحد أن المعول عليهم متشرذمين ومشتتين ومتبعثرين وإن كانت الصبغة الشائعة عليهم في الداخل والأسم الذي يجمعهم منتمون الى حزب الدعوة الإسلامية وظهر أسم بعد حين المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ومن ثم إنقسم المتخالفون ليكونا جبهتين أحداهما المجلس والآخر الدعوة وأصبح جهادهما ضد بعضهما البعض ولم تبان حقيقة الأمر بوضوح امام الرأي العام العراقي في الداخل إلا بعد التغيير ودخول هؤلاء الأخوة الأعداء الى العراق مع القوات الغازية بعنوان المحررة للعراق ، ومن أجل الهيمنة والإستخواذ على أكبر قدر من المكاسب وبإعتبارات الجميع يتصور نفسه هو في مركز وقمة هرم القيادة ولابد من إنصياع الآخرين له توالدت فصائل عديدة وإنشقاقات متعددة وأحيانآ من نفس التشكيل الواحد ينقسم الى عدة أقسام بمسميات وبطبيعة الحال الهدف منه توسيع دائرة التحرك من أجل كسب الشارع وتعبئة الجماهير المؤيدة له وخصوصآ حين يحين موسم الإنتخابات وكذلك لفتح منافذ عديدة لكسب الريع المادي لتقوية هذا الكيان السياسي الجديد وأيضآ زيادة في المقاعد التي سيتمكن من الحصول عليها بكافة إمتيازاتها كل هذه الامور وغيرها جعلت الرؤوس تتكاثر بوتيرة تصاعدية ومعها تزداد دائرة الأتباع والمريدين والأنصار ليشكل كل كيان قوة سياسية متناحرة مع الكتل الأخرى ووصل الأمر الى حالات منفرة ومقززة فأخوة الأمس أعداء اليوم وهذه بحد ذاتها تنم عن إستكبار وتعالي ووضوح في الأهداف المتكرسة للمنفعة الشخصية والحزبية والصراعات من أجل المناصب لاغير وكل من يختلف مع الآخر يسارع الى تشكيل كتلة سياسية يكون رئيسها حتى أصبحت المنطقة الخضراء والطبقة السياسية وكأنها حديقة للبصل متخمة بالرؤساء والحكومة حقيقتها جملة من الحكومات ورئيس الحكومة ليس واحدآ ففي الواقع كل منهم رئيس حكومة وحفنة الوزراء لايشكلون كابينة واحدة بل عدة كابينات تعود كل منها الى رئيس الكتلة والحزب التابعين له وهو الآمر الناهي لوزراءه وبيده تعيين هذا وإقالة ذاك وتبقى ثروة البلد ومقدراته هي الساقي لهذه الحديقة المتزاحمة برؤوس البصل ..