جميع حكومات العالم تضع في أجندتها إهتماماً استثنائياً لطبقة الفقراء والمهمشين والعاطلين عن العمل ولاتألوا جهداً من تقديم جميع وسائل الرعاية والاهتمام لهم لأنه من الأمور الانسانية التي أكدت عليها جميع المواثيق الدولية والشرائع السماوية, حيث ان هذه الرعاية تُعدّحقاً دستورياً يُلزم الدول والحكومات بتوفيره لهذه الشريحة المهمة في المجتمع, والمؤلم انه في العراق تعاني هذه الطبقة من إهمال واضح وتهميش متعمد وظلم كبير من قبل الحكومة.
مادفعني لكتابة هذه المقالة هو مانشرته وسائل الاعلام من مناظر مؤلمة في تغطيتها للحملات التعسفية التي قامت بها أمانة بغداد ودوائر البلدية في معظم المحافظات العراقية بقيامها بإزالة الأكشاك والبسطيات للباعة المتجولين في معظم الأسواق والشوارع مستخدمة القوة والقسوة ومعززة بالقوات الأمنية ومختلف أنواع الآليات الثقيلة لتحطيم تلك الأكشاك والبسطيات المتواضعة امام أنظار أصحابها وصيحاتهم ودموعهم وهم يشاهدون ذراع الحكومة الطائلة وهي تحطم موارد رزقهم البسيط وكأنها تحطم قلوبهم وآمالهم بلقمة عيش شريفة رضوا بها وهم ينظرون ويسمعون بمليارات الدولارت تسرق يومياً من خيرات بلدهم من قبل سياسيين فاسدين انتخبوهم بدمائهم وأصابعهم البنفسجية التي تستحق القطع لأنهم بصموا بها لهؤلاء السراق والفاسدين الذين سرقوا قوتهم وقوت عيالهم, وأتسائل وأرفع صوتي عالياً بلسان الآلاف من هؤلاء المظلومين هل من العدل والانصاف أن تقوم الأجهزة الحكومية بالتصرف بهذا الشكل القاسي مع مواطنين بسطاء اُغلقت جميع الأبواب بوجوههم ووصلوا الى مرحلة اليأس من الحصول على فرصة عمل كريمة في القطاع العام أو الخاص تعينهم في سد رمق عوائلهم علماً انه يوجد فيهم الكثير من الخريجين من حملة الشهادات الجامعية الذين تعبوا من البحث عن فرصة عمل باختصاصاتهم دون جدوى ووصلوا لطريق مسدود فركنوا شهاداتهم ولجأوا مضطرين وبشق الأنفس الى اختيار أحد الأسواق الشعبية أو أحد الشوارع وتدبير مبلغ بسيط من المال لانشاء كشك بسيط أو بسطية متواضعة وضعوا فيها أحلامهم المتواضعة بالحصول على مورد بسيط من الرزق الحلال يعينهم على شظف العيش والعازة يؤمنون به جزء بسيط من متطلبات الحياة القاسية رافضين جميع السبل غير الشريفة والخارجة عن القانون وإغرائاتها المادية العالية ويدفعهم لهذا نبل أصلهم وتربيتهم الكريمة, ولكن حتى هذا الحلم المتواضع استكثرته الحكومة عليهم ودأبت لتحطيمه بكل قسوة وبطش.
لسان حال هؤلاء المظلومين يقول للحكومة وأجهزتها أن تعيد النظر بهذه القرارات والإجراءات القاسية ونحن معهم نرفع أصواتنا بمطالبهم, مع كل تأييدنا بأن هذه الحالة العشوائية من انتشار الباعة المتجولين والبسطيات في شوارعنا وأسواقنا تسيء الى جمالية مدننا وهي ظاهرة غير حضارية, ولكن التوقيت باتخاذ هذه الاجراءات خاطيء وعلى الحكومة تأجيل تنفيذ هذه الحملات الى الوقت المناسب الذي تتمكن فيه من توفير البدائل المناسبة لهؤلاء الباعة من خلال توفير فرص عمل كريمة لهم أو بإنشاء أسواق نظامية موحدة تجمعهم في مناطق يتم اختيارها من قبل الحكومات المحلية ويكون تنسيقها بشكل يراعى فيه الجمالية والتخطيط السليم وتكون ادارتها من قبل جهات حكومية وهذا متبع في معظم الدول وحتى المتقدمة منها.
ختاماً أرى ان اصرار الحكومة على الاستمرار بهذه الإجراءات ستكون له نتائج سلبية ووخيمة على المجتمع وقد تكون سبباً في دفع شبابنا الى أساليب غير مشروعة لتأمين معيشتهم وقد تصل الحالة لوقوعهم تحت إغرائات الإرهاب الذي يركز على جانب العوز المادي في رمي شباكه لاصطياد فرائسه والتغرير بهم مادياً فرفقاً بفقرائنا ياحكومتنا المنتخبة.