23 نوفمبر، 2024 9:59 ص
Search
Close this search box.

بين الملكين

الملك سلمان ، كما أُعْلِنَ أمس، يفرض عقوبات على حزب الله اللبناني استنادا لنظام جرائم الإرهاب وتمويله . الملك عبدالله أدرج الإخوان المسلمين في قائمة الكيانات الإرهابية.الملك عبدالله هادن إيران في اليمن وسمح بتغول الحوثي وهدم الدولة اليمنية للحد من نفوذ الإخوان المسلمين المتصاعد بعد الثورة.الملك سلمان يقود تحالفاً عربياً وإسلامياً ويشن منذ أكثر من سنة حرباً ضروس على الحوثي وأدخل اليمن في دوامة نزاع  أهلي لا يعلم أحد متى ينتهي.
الملك عبدالله دعم إنقلاب السيسي في مصر وأرسل تأييداً بعد عشرين دقيقة من إعلان بيان الإنقلاب، في واحد من أسرع المواقف المعلنة في مثل هذه الأحوال، يشي صراحة أن الملك السعودي كانت له يداً مباشرة في الإنقلاب وسحق جماعة الإخوان المسلمين، ثمّ أغدق الدعم المالي على مصر مثل الرز مع حلفائه الخليجيين طواعاً أو كرهاً.الملك سلمان جرّ يده من الإنقلاب تقريباً وقرّب جماعة الإخوان المسلمين مباشرة على إستحياء ، أو بصورة غير مباشرة عن طريق إعادة رسم التحالفات الإقليمية وتخفيف القيود على أعضاء الجماعة في المنطقة والعالم. عُلِمَ قبل أيام أن الدعم المالي توقف كلياً عن مصر حيث تحدّث إعلاميون بارزون مؤيدون للسيسي عن ما أسموه تخلى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات المتحدة عن دعم مصر فى الوقت الراهن الذى تعانى فيه  البلاد من أزمات إقتصادية طاحنة.
الملك عبدالله شيطن أردوغان وحاول بالتنسيق الكامل والحثيث مع حليفه الإماراتي إسقاطه وإنهاء حزب الحرية والعدالة كما حدث مع الإخوان في مصر واليمن ويجري الآن في ليبيا، وفي تونس الى حدٍ ما. كاد الملك أن ينجح في إنتخابات حزيران 2015 التشريعية قبل أن يلملم أردوغان جراحاته ويسترجع الأغلبية في جولة الإعادة بعد ستة أشهر.الملك سلمان قرّب أردوغان وتقرّب إليه بل وتحالف معه ويسيران الآن جنباً الى جنب في خطوات جدية لردع التوسع الإيراني وإقامة حلف طائفي في مواجهة جبهة ايران الطائفية، حتى وصل الأمر الى الحديث عن إمكانية التدخل المباشر في سوريا مع ما يكتنف المسألة السورية من تعقيد دولي ينذر بمخاطر كبرى.
هناك مفارقات عديدة غيرها، داخلياً وخارجياً، غير أن ما أسلفنا ذكره بمثابة نقل السكين من على رقبة الى أخرى، وهي ظاهرة طالما عايشناها في تاريخنا الحديث، حيث يمكن أن ينقلب العدو بشكل دراماتيكي الى صديق والصديق الى عدو بين عشيةً وضحاها دون توفر مبررات عقلية ومنطقية ومصالح وطنية (ليس من المعقول أن يكون الشيء في صالح الوطن أمس  وضد مصالحه اليوم)، اللَّهُمَّ إلا قناعة الحاكم التي عادة ما تكون محل تقدير وإجلال واكبار في الحالتين ودليلاً على حنكة الحاكم وحكمته، وهذه ، في الواقع، طامة كبرى تدلل على عدم وجود رؤية واضحة وتخطيط سليم وسياسات ثابتة طويلة المدى وتفكير مؤسساتي راسخ يقوم عليه هيكل الدولة، وذلك للأسف الطاعن في الشدة والمرارة تلاعب بمصائر الشعوب.

أحدث المقالات

أحدث المقالات