مع أن الخليفة الرابع للمسلمين سيدنا الامام علي بن أبي طالب( رضي الله عنه ) لم يبايع الخليفة الثالث سيدنا الخليفة ( عثمان بن عفان ) رضي الله عنه الا بعد ستة أشهر من مبايعة غالبية المهاجرين والأنصار له ، لكن لم يمنع هذا الأمر علياً من أن يدافع هو وسبطي الرسول صلى الله عليه وسلم ، الحسن والحسين ) رضي الله عنهما ( أيام الفتنة الكبرى ومحاصرة منزل الخلافة ثم قتل سيدنا عثمان على يد المتمردين من المصريين بعد حادثة تزوير كتاب تولية محمد بن ابي بكر , وكثيرٌ من الروايات نسجها الخيال أو صنعتها المصالح والارتباطات السياسية لكثير من المؤرخين ، لكنهم اجتمعوا على أن سيدنا ( علياً ) وإبنه سيدنا ( الحسن ) كانا من بين القليل من الرجال الّذين حملوا نعش عثمان بصمت ودفنوه في وادي البقيع وفي منطقةٍ تسمى ( حشا كوكب ) عليٌ المعارض وعثمان الشهيد ، مقطع الأوصال يتآخيان لحظتئذ لوأد ودحر الفتنة فحمل عليٌ رفيق دربه في مسيرة الوحدانية القاسية وصحبتهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، على خشبةٍ كي يدفن بهدوء , بقيَ في دار عثمان قميصه الذي قتل به والذي كان من المفترض أن يدفن معه كونه قتل شهيداً !أمران اذن لم يحسب لهما الهاشميون وقريش والانصار أي حساب ، القميص الممزق بالسيوف والملطخ بدم عثمان والمصحف المدمى !لا يعلم أحد من استلهما من الدار ثم أوصلهما الى الشام ( هكذا ) القميص يصل الى الشام كي تبدأ رحلة للفتنة لم ولن تنتهي , بدأ معاوية وبنو أمية بحشد تأييد الناس وإستمالة قلوبهم واستفزاز مشاعرهم بعرض القميص على منابر الخطباء في الجوامع ، بين جامع وجامع ومسجدٍ ومسجد وحيٍ وحي في الشام ، والناس تبكي وتنظر بحزنٍ وإستياء وإستهجان على قميص خليفة رسول الله وقد تقطع وتشقق وإمتلأ بدمه ، في الوقت الذي لم يقم أحدٌ من بني أمية بذكر أن سيدنا علياً وابنه كانا من الأقلية التي دفنت عثمان ! أي أن هناك هدفاً آخر لاستقطاب ( الرأي العام ) في الشام ونزع القميص وايصاله وهو الخلافة ، و يا لها من خلافة بعد أن بويع علياً وبدء الاضطرابات والجمل وصفين وظهور الخوارج وقتل سيدنا علي ثم قتل سيدنا ( الحسين ) ثم – ثم – ثم , تقطيع الأمة وتمزيقها الى طوائف ومذاهب سياسية وعرقية نكتوي بجمرها لحد ( الآن ) التاريخ يعيد نفسه وبعيداً عن التشبيهات طبعاً ( صدام حسين ) رئيس جمهورية العراق الذي أسقطته قوات الاحتلال الأمريكي وأَسَرَتْهُ ، وحاكمته برسومٍ عراقية متحركة وتسليمه الى الحكومة العراقية بعد صدور حكم الإعدام عليه ، بالضبط في الليلة التي صعد بها المسلمون الى صعيد عرفة ، إختار الجلادون أن يصعد صدام حسين في صباح أول أيام عيد ( الأضحى المبارك ) الى منصة الموت ولف حبل الشنق حول عنقه ، مع أنه طلب أن يتم تنفيذ الحكم عليه رمياً بالرصاص كونه عسكري , القميص الذي أحدث فتنةً لا تزال وسنبقى نعاني منها الى الأبد ، والفلم الذي صوره أحد الحاضرين بوساطة هاتفه المحمول ، الصورة كما شاهدها العالم تظهر مجموعة من المقنعين الّذين ينفذون الحكم وأصوات أخرى لمجموعة لم تظهر صورهم ، تماماً مثل الّذين إستلوا قميص عثمان ، لم يصبروا بل دفعهم الحقد وأنساهم الثأر التمييز بين أبسط شروط الإنسانية، هاتفين منشدين مستبشرين متشفين متلذذين بموت رجلٍ كُتِفَتْ قدماه ويداه ، هو يقول .. يا ألله , عندما يضع قدمه اليمنى عل المنصة التي ستهبط به كي يختنق يبدأون هم بترديد شعارات (طائفية – مذهبية ) ويبدأ بتلاوة شهادة المسلمين ، المرة الأولى ينطقها كاملةً ( أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ) بدأوا بعدها بترديد إسم قائدهم الذي يقف أو ربما يقف من يمثله بالتأكيد هو وأركان حكومة الثأر والانتقام الأعمى ، ثم يبدأ بتلاوة الشهادة للمرة الثانية ( أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمداً ) ومات الرجل الذي كان محاوراً ورافضاً لكي يُغطى رأسه بكيس أسود ، وهذا ليس مدحاً أو ذماً لأحد ، بل ما أظهره الشريط تماماً وليس ما يدعيه أحد ,الشريط الواضح الموثق هو قميص سيدنا (عثمان الثاني ) بمعنى أوضح أن الّذين عرضوه هم الطامحون للأستيلاء على السلطة بصورة معاكسة أي إقصاء كل الأطراف المناهضة والمعارضة سياسياً وعقائدياً لهم في داخل الحكومة وخارجها وغلق أبواب أي إمكانية صادقة لما يسمى بالمصالحة , ومن نافلة القول أن مشهد الإعدام صور بثلاث كامرات ، الأولى مكلفة رسمياً من الحكومة وهي من النوع المتعارف عليه في تصوير المناسبات والندوات والنشاطات الخارجية وقد ظهر الشريط بأقل من ثلاثة دقائق حجب عنها الصوت وتوقف العرض وليس التصوير في اللحظة التي أوشك منفذو الحكم من تنفيذ الاعدام وكامرتان موجودتان في هاتفين نقالين كما روت ذلك وإتفقت أغلب وسائل الاعلام ومعظم المتحدثين والمتواجدين في أثناء تنفيذ الحكم والهاتفان يحملهما مسؤولان حكوميان لأن بقية المتواجدين سحبت هواتفهم النقالة بعد نقلهم بطائرات الاحتلال من المنطقة الخضراء الى الكاظمية ( مديرية الاستخبارات العسكرية العامة سابقاً ) وهذا المكان يقع تماماً في الجهة اليمنى بعد عبور جسر الأئمة من جهة الأعظمية أي أنه قريب من مكانين ، الأول أحد أهم الأمكنة المقدسة للشيعة وهو مرقد الأمام موسى الكاظم وقريب جداً من أهم المذاهب السنية وهو الأمام أبو حنيفة النعمان , هذه الأمور بمجملها لم تكن وليدة الصدفة ، إختيار المكان والزمان والكامرات ، نعود الى الكامرات ، الشريط الثالث ظهر جزء بسيط منه من زاوية أخرى ولم تظهر بعد وقائع الشريط كاملةً ، لكنها ستظهر في المستقبل القريب وفي الوقت المناسب ولربما تظهر صور أخرى من داخل حجرة الإعدام لم تجري الإشارة إليها ، الثاني كما أسلفت ظهر كاملاً وبصورة غير دقيقة لكن شبه واضحة وأصوات مفهومة ، مرددين عبارات لم يألفها من يحضر تنفيذ مثل هذه الأحكام التي كان من المفترض أن تسودها أجواء الروحانية والتسامح لأن الرجل يتجه بثبات الى مثواه ، لم يحسن الحاضرون شفاء غليلهم وثأرهم فقد ارتكبوا كارثةً أودت بعلاقتهم المتينة مع السنة المعارضين لصدام حسين سابقاً ، الّذين اعتبروا هذا الشريط وما صاحبه من مشاهد كان موجهاً الى كل ( الطائفة السنية ) في العالم وليس في العراق وحده !من المستفيد ومن هو بحاجة الى عرض إعدام ( صدام حسين )لا أعتقد أنهم ( الأمريكيون ) الّذين ينتظرون بفارغ الصبر تثبيت حكومة عراقية ترضي الأطراف جميعاً , كي يفروا بعيداً بجيشهم وعولمتهم وديمقراطيتهم وكما يقول أخوتنا المصريون ( يا دار ما دخلك شر ) ولا أعتقد أيضاً أنة الرجل ( الديني الشيعي ) لأنه الآن بأمس الحاجة الى اللعب وراء الكواليس والقفز على الحبال كي يجد متسعاً لتثبيت سلطاته على أكثر من مليون عاطل عن العمل شكل به جيشاً كبيراً يسيطر على أغلب شوارع ودوائر ومطاعم ومقاهي وكراجات الرصافة !ولا الرجل الديني الكبير في العراق حاليا وابن أخيه في العقيدة الائتلافية ، الحالمان بالجلوس على نفس الكرسي الذي كان يجلس عليه ( صدام حسين ) في القصر الجمهوري بعد فوات الأوان ، ولا هذا ولا ذاك !من اذن ! أجزم أن الذي أظهر الشريط الثاني وجزء من الثالث هو أحد عملاء المال , هذا العميل باع الشريط القميص لأحد الوكالات العالمية ( بحفنةٍ من الدولارات ) وهي ( عيدية ) له ولعائلته المنتظرة وقميصاً ملطخاً بالعار على هذا الأمة المنهزمة المنكسرة , وها هي اكبر واعتى قنوات العراق الفضائية تعرض شريط جديد لعملية اعدام الرئيس العراقي السابق ( صدام حسين ) لعدد من المرات وتظهر من خلال عملية عرض الفلم الجديد ثله من شله تطوف في موقع اعدام ( صدام حسين ) حاملين على اكتافهم المدعي العام للقضية ويطلقون هتافات طائفية تنعت الرئيس صدام حسين ( بالجبان ) ترى من هو ( الجبان ) اليوم في هذا العالم وفي هذا البلد الممزق وأن( غداً لناظره لقريب )