17 نوفمبر، 2024 4:24 م
Search
Close this search box.

أزمة الأديان بين الدعوة الكونية و الخطاب الضيق .. ج2

أزمة الأديان بين الدعوة الكونية و الخطاب الضيق .. ج2

تعودت مجتمعاتنا على ثقافة الكبت و الإتكال و إحالة كل ما يتعلق بالدين او الثقافة الغيبية الى رجال أطلقوا على انفسهم فيما بعد ( اختصاص ديني ) بحيث اضحى السؤال هو المحرم الفعلي في المساحة الدينية و ليس من حقك البحث و التساؤل فيما يطلب منك التعبد به و التقرب فيه الى الله.
 الله الذي حوله بعض المنتفعين الى مؤسسات نفعية لسرقة أموال الناس مادياً و الصعود على اكتاف المساكين اجتماعياً و خوض الحروب عسكرياً . ­­­معظم المجتمعات الغربية و الاسلامية تلهج باسم الله وان اختلفت التسمية لكن يبقى الله هو نفسه الذي نتحدث عنه في مجتمعنا العربي و نفسه الذي يتحدث عنه جاري الامريكي و هو ذاته في  البرازيل و افريقيا وفي اغلب دول العالم , أكيد هناك بعض الاضافات لشكله و مظهره لكن يبقى هو صاحب السلطة الفعلية على هذا الكون كما تقول كل الاديان . صاحب هذه السلطة الكبيرة و العريضة اختلف المؤيدون له , اختلافاً مميتاً في كثير من حالاته . دعونا ننطلق من حجم هذا الاختلاف الكبير و من منظر مخيف يكاد يسحق العالم كله باسم الله , دعونا نحن البسطاء و الذين نؤمن كما وجدنا عليه أهلنا , دعونا نسأل الله خالق البشرية جميعاً وليس خالق اليهود او المسيحيين او المسلمين او البوذيين فقط , دعونا نجتهد قليلاً لأن الله يحب المجتهدين الباحثين العاملين   ..

 
فنسأله أسئلة طالما تسآءل بها الكثير من البسطاء أمثالنا , لكي نكتشف الله الحقيقي و ليس الله المتحزب المتطرف الله الذي يدعو للحب و التسامح و ليس الى القتل و العداء و الاستعداء فنسأله :
 
 
 
هل أنت يا الله من خلق هذا الكون و السموات و الارض و المسؤول عنهما ؟
 2 هل حقاً طلبت ان تعتنق الناس جميعاً ديناً واحداً و الا سيخلدون في نار جهنم ؟ اذا كان كذلك .
 
3-  لماذا لم تخلق الناس أمة واحدة و بدين واحد و بذلك يكونون مطالبين بالتطبيق و ليس التغيير و التطبيق ؟
 
4- اذا كانت اليهودية مثلاً هي الدين الحقيقي الذي ترتضيه انت , فلماذا يا ربي خلقتني مسلماً و في بيئة تعاقب من يغير دينه بالقتل ؟ و انت تعرف هذا .
 
5- يا ربي مجرد التفكير في التغيير من دين الى اخر يعني موتاً فعلياً او موتاً اجتماعياً . أيعقل انك خلقت الناس لكي يكون همها الدين ثم تتقاتل فتموت بدون شفقة ؟
 
 6-هل انت ياربي من بعث الرسل و الانبياء , أم أنهم إفتأتوا عليك و قالوا إنا رسل رب العالمين ؟
 
7- اذا أنت من بعث الرسل فما ذنب الذين يعيشون في أوروبا  و امريكا و اليابان , ان يلتزموا بالاسلام الذي نزل بلغة العرب و عرب قريش تحديداً ؟
 
 8-أيعقل انك أوجبت على الغربيين و العالم أجمعين ان يكونوا مسلمين و أنت تخاطبهم بلغة الصحراء و بمفردة الخيل و الإبل و الحمير و البغال و الخيام , وهم ابناء الماء و الخضراء و الوجه الحسن و ليس لهم خبرة و معرفة بالذي تذكره او الذي تدعوهم اليه ؟
 
9-هل صحيح ياربي ان الديانات مكملة بعضها للبعض الاخر أم هذه فرية ! اذا كانت كذلك فلماذا هذا الاختلاف بين رسالة و رسالة اختلافاً ليس جزئياً بل هو جوهرياً يصل مداه حدّ القتل و الاستعباد و الاستبعاد .
 
10- إلهي ما ذنب والدي الذي خلقته مسلماً لا يجيد القراءة و الكتابة و في بيئة بالكاد تجد العيش لكي تعيش , ثم تطلب منه ان يتفقه بالدين وان يتحول الى دين اخر غير الدين الذي وجد عليه أهله و إلا سيكون مصيره العذاب و الحرق و الصديد و الحديد .
 
11- هل عدل منك يا الله تخلق المسيحي المنعم على شواطئ و بحار أوروبا  و امريكا و تقول له انك على الدين الحق و تبشره بالهدايا بالاخرة و تغدق عليه بركاتك في الدنيا ؟
 
12- هل أنت  من صرخ برأس الفقهاء و رجال الدين ليكون كلامك بهذا المستوى : أما اعدائي أولئك  الذين لم يريدوا ان أملك عليهم فأتوا بهم الى هنا و اذبحوهم قُدامّي . و هل انت من أشار على الفقهاء بأن دم المسلم يختلف عن دم غير المسلم بحيث لا يقتل غير المسلم بالمسلم في القصاص و ان دية المشرك لا تساوي حتى نصف دية المسلم ؟
 
هذه بعض الاسئلة على هامش الذهن لم تكن بالعمق الذي يريده بعض المختصين و الباحثين , لكنها كانت بحجم تفكيرنا تفكير البسطاء و الذين يبتغون نشر لغة المحبة و السلام بين الناس . الزعم ان الاديان كونية و يجب ان تعم الكرة الارضية , زعمٌ ما عاد يغري و لا يجذب الناس كما كان يشاع له من قبل , الدعوة الكونية هي الزعم على ان الدين عالمي و يجب ان يسود العالم اجمع , ترتطم هذه الدعوة بالخطاب الديني عموماً الذي يكاد ينغلق و يختنق تماماً على الافراد غير المنتمين إليه بل يسد عليهم أفاق و منافذ الارض و السماء . أعتقد ان لا دين من دون نزعة انسانية بل لا يستحق اي دين او فكرة دينية ساعة عناء من البحث اذا لم يكن الانسان هاجسه الاول .وبما ان الزعم الديني جاء من أجل رقي الانسان و لخدمته تحركت بعض العقول الحية لكي تشذب الحالة الدينية و تتخلص من كثير من اثقالها الضارة , فاستحدثوا قانوناً وضعياً غير قابل للجمود فهو يتغير من حين لأخر بمقتضى الحال الذي تطلبه مسيرة التقدم العلمي و تأخذ بالحسبان المنفعة التي ستتحقق للانسانية , هذا ما حصل في اوربا و في العالم الغربي عموماً , اما في عالمنا الاسلامي حصروا الله في مكانات خاصة وفي بعض الاحيان في بيوتات تدّعي العلم ولذلك زعمت انها المكان الحصري الذي تعرف الله و تروج له , ولا يمكن العبادة او التقرب و العبور له الا عن طريقهم .
 في عالمنا الاسلامي ضاع الله بين عنجهية فقيه لا يرى الا نفسه و حاشيته ومن يتبعه و بين عامية الاشخاص الذين يخافون من اي سؤال , سؤال لا يُجاب عليه لكنه سيشكل غضب زبانية المؤسسة الدينية وحنق الفقيه .
كم من الاسئلة القلقة و الجادة التي تناقش بها الناس بدون معرفة  وبعدما قرروا ارسال هذه الاسئلة الى العارف الفقيه , أهملت أسئلتهم و ألقيت في سلة المهملات ومع ذلك لم يشكل صمت الفقيه او إهمال اسئلة الناس و رميها و الاستخفاف بها أي هاجس من المراجعة لمسيرة تلك المؤسسات التي تدعي الدعوة و القرب من الله , بالوقت نفسه هي تسرق و تغش و تدفع بالمساكين الى الموت متسترة باسم الله ! .
اذن نحن بحاجة ماسة لمراجعة فعلية فردية غير تواكلية , لكي نبحث عن الخلل الذي طوق بلادنا الاسلامية خاصة , نبحث عن الله أهو كلي أم جزئي ؟ هل فعلاً ان الله يحتاج الى وسيط  و الى رجال و مؤسسات متخومة ؟… يلحق . 

أحدث المقالات