التفجيرات التي ضربت مدينة الصدر مؤخراً وجاءت بعد يوم واحد من خطاب مقتدى وتظاهراته وتهديداته بالدخول للمنطقة الخضراء فيها عدة رسائل يمكن لنا من خلال فك أسرارها معرفة من يقف خلفها ، وإستهداف مدينة الصدر هو إستهداف لمقتدى ورسالة موجهة له وهذا ما يجزم به الإنسان البسيط ، ولكن لماذا حدث التفجير في ( سوق مريدي ) وهو سوق شعبي يستهوي عامة الناس ، ويبدو إن إستهدافه بإعتباره المكان التجاري الأهم في مدينة الصدر ، وفي ذلك إشارة لمقتدى إننا نستطيع أن نضربك في الأماكن التي توجعك وتؤلب الناس ضدك ، ولكون السوق شعبياً فالتفجير فيه يولد هيجان عاطفي لدى أتباع مقتدى الذين يكثرون في هذه المنطقة مما يشكل عملية ضغط على مقتدى للتحرك لحمايتهم بإعتباره القائد لهم والمحامي عنهم ، ولكنه في نفس الوقت لن يستطيع أن يفعل شيئاً ضد شركائه حسب التجارب السابقة سوى الضجيج الإعلامي ، فقد تم قتل الكثير من أتباعه وإعتقالهم ومحاكمتهم وزجهم في السجون والحكم عليهم بالإعدام في زمن حكومة نوري المالكي ، وكانت ردة الفعل من مقتدى أن بايع المالكي للوصول إلى سدة الحكم ، وسؤال آخر يطرح نفسه لماذا جاءت هذه التفجيرات بعد خطاب مقتدى وتظاهراته وتهديده للدخول إلى المنطقة الخضراء ، وفي الإجابة سنقترب أيضاً خطوة أخرى من الفاعل الحقيقي ؟ وقطعاً ليس من الصعب أن نقول أن الجهة التي قامت بالتفجيرات هي جهة رافضة لدخول مقتدى إلى المنطقة الخضراء لأنها لا تريد أن تكون هي الضحية لتحركات مقتدى والجهات التي تتحكم به ، ولهذا كان ردها قوياً وموجعاً دفاعاً عن نفسها ومصالحها ذلك لأنها تعي قوة الجهات التي تقف خلف مقتدى ، وهي ضربة إستباقية من الحزب الحاكم الذي فهم أن التهديدات موجهة له وهذا يشير الى تعمق الخلاف بين مقتدى وحزب الدعوة وبالتالي كان الرد قوياً ومن جهة متمرسة في القتل وسفك الدماء . وإذا ما لاحظنا تصريحات عباس البياتي لقناة الشرقية وهو المقرب من المالكي بصدد تظاهرات مقتدى وأنه عليه أن يعبر عن رأيه من خلال نوابه بإعتباره صاحب كتلة كبيرة في إشارة لرفض هذه التظاهرات ، وإذا أضفنا أمراً آخر وهو مطالبة رئيس كتلة بدر النيابية قاسم الأعرجي بضرورة إجراء تحقيق موسع ودقيق لكشف منفذي تفجيرات مدينة الصدر ، حيث لم يتهم تنظيم داعش كما جرت العادة ، وكذلك تحميل مقتدى في خطابه لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي كل تبعات وإخفاقات ودمار المرحلة السابقة ، سوف يتضح لنا أن أصابع الإتهام تتجه إلى المالكي خصوصاً إنه سبق وأن أسرف في إراقة دماء أبناء التيار قتلاً وإعتقالاً وتعذيباً ، والإختلاف هذه المرة في الإسلوب فبدل أن يستخدم عصاباته التي ترتدي ملابس رجال الأمن لإعتقال أو قتل الصدريين فقد إستخدم التفجيرات لقتل الأبرياء لإيصال رسالته ، وهو ممن ثبت أنه لا يهتم لأبناء الشعب والخسائر التي تقع عليهم ، والمهم لديه أن يحقق أحلامه المريضة بالعودة الى كرسي الحكم لولاية ثالثة ، فلعبها المالكي وبادر بالضربة ودفع الفقراء من مدينة الصدر الثمن باهضاً جراء تخبط وجهل مقتدى وإنقياده الأعمى وجرم ووحشية الحزب الحاكم بقيادة المالكي .