الثابت عند جميع المسلمين أن الوحي والاتصال بالسماء قد انقطع برحيل النبي محمد، ومن يدعي خلاف ذلك فهو زنديق، وبالرغم من وضوح ذلك وبداهته ، إلا أن دعوات تلقي الوحي والاتصال بالغيب بل والنبوة وحتى الإمامة لم تنقطع والتاريخ قد سجل الكثير من تلك الظواهر، وفي عصرنا هذا برزت تلك الظاهرة على المشهد العراقي فبالأمس زعم السيستاني أن فتوى الجهاد الكفائي لم تصدر منه وإنما من جهات عليا في إشارة منه إلى الغيب أو الوحي أو من الإمام وفقا لما ينقله وكلاء السيستاني عنه ، ولا نعلم هل أخطأ الوحي بحيث يأمر السيستاني بفتوى تسببت في نتائج مهلكة أحرجت حتى السيستاني؟!.واليوم يطل علينا مقتدى صاحب الغرائب والعجائب والتلون والتقلب والنكص على عقبيه، يطل حاملا معه دعوة جديدة وغريبة تذكرنا بأولئك المدعين للنبوة أو الإمامة أو الاتصال بالوحي ، حينما زعم أن دعوته الجديدة للتظاهر إنما هي نداء الهي!، فهل أصبح الوحي أو النداء أو الاتصال بالغيب والسماء أو النبوة أو الإمامة محط رحال قادة المليشيات المجرمة وزعماء وداعمي كتل الفساد والمفسدين المتسببين في خراب البلاد وهلاك العباد؟!!.ثم لماذا يحاول مقتدى هذه المرة إضفاء البعد الديني على دعوته الجديدة ؟، فتارة يزعم بأنها نداء الهي ، ثم يردفها بإقامة صلاة الجمعة بإمامته في موقع التظاهرة ساحة التحرير !، ولماذا يلتقي بالعبادي في الصحن الكاظمي؟!، فهل يريد مقتدى من وراء حركته الوصولية هذه أن يغسل وجهه ووجوه نظرائه الذين خرج الشعب ضدهم وهتف (باسم الدين باكونه الحراميه)، في محاولة بائسة منه لإعادة هيبة العمائم الحرامية وساستهم، ولسان حاله لا مدنية ولا هم يحزنون، ليضرب بعرض الحائط مطالب الجماهير التي قدمت التضحيات والدماء من اجل تحقيق الحكم المدني، يوم التزم الصمت وتخلف عن ركب المتظاهرين هو وأتباعه الجهلة كما يصفهم طيلة فترة التظاهرات.ولأن التناقض والتخبط صفة ملاصقة لمقتدى فهو من جهة يدعو إلى التظاهر ضد الفساد والفاسدين ونصرة الفقراء وبنفس الوقت يلتقي برئيس حكومة الفاسدين الذي تعامل مع التظاهرات وفق أسلوب التسويف والمماطلة والتخدير والتستر على الفاسدين ، فعلى مَنْ يخرج مقتدى إذن؟!، نعم على مَنْ يخرج وكتلته تشكل ثلث حكومة الفاسدين والسراق؟!، وأين كان عن الفقراء والمحرومين طيلة هذه السنين؟!، ولماذا لم نسمع منه أي مبادرة لإنقاذهم وإنقاذ ملايين النازحين أو التخفيف عن معاناتهم؟!، ولماذا جاء توقيت هذه التظاهرة بعد الإعلان عن محاكمة سمسيره ومستشاره الأول بهاء الأعرجي والحبل على الجرار؟!، أليس من المفارقة أن يدعو مقتدى للتظاهر ضد الفاسدين ونصرة الفقراء والمظلومين وهو الذي دعا إلى دمج مليشيا الحشد الذي ارتكب المجازر بحق العراقيين، بالجيش والشرطة ، وفي الوقت الذي اتضح فيه وجود فضائيين ومقرات فضائية للحشد ؟؟؟؟!!