24 نوفمبر، 2024 2:15 م
Search
Close this search box.

قوة السلطة وقوة الشعب

قوة السلطة وقوة الشعب

ورقة التوت

يظن المسؤولون في المنطقة الغبراء على الرغم من غبائهم وضعف بصيرتهم السياسية، الا انهم ايضا دهاقنة شياطين في التلاعب بقوت الشعب ونهب ثرواته وايقاف مسيرته ، يظن هؤلاء انهن قد تجاوزوا مرحلة القلق وانهم مطمئنون تماما الى ان اي تغيير قد يحصل فانه لايعني مطلقا المس بمواقعهم او التاثير على سلوكهم ومصالحهم، وما يدعو اليه العبادي رغم عدم فاعليته ووضوحه وعدم معرفة الهدف الحقيقي منه انما هو محاولة للالتفاف على الغضب الشعبي الصامت احيانا والمزمجر في احايين رتيبة ومتباعدة وقليلة، فالعبادي ومعه قادة الكتل السياسية يدركون تماما ان الازمة في العراق لايمكن حلها بتغيير وزاري جزئي او كلي، صوري او جوهري، والاشخاص الذين سيتم استيزارهم ان كانوا كفوئين او غير كفوئين، لن يستطيعوا مطلقا تحريك الاوضاع وتغيير اتجاه البلاد نحو الهاوية،فالسياسيون يعرفون (وان كان ليس ببصيرتهم وفكرهم انما من خلال الرسائل الكثيرة التي ترد اليهم من هنا وهناك) ان الازمة في العراق هي ليست ازمة اشخاص، مثلما كان الغرب ومعه الصهيونية وايران يعتبر ان شخص (صدام حسين )هو المشكلة بالنسبة لهم، وهي ايضا ليست ازمة اشخاص بدليل ان الجعفري استبد بالمالكي والاخير استبدل بالعبادي ولم يحصل تغيير ولو طفيف في الاداء الحكومي، في حين ان سقوط صدام حسين احدث انقلابا وتحولا جذريا في المنطقة كلها وليس في العراق فحسب، والوزراء الجدد ان كانوا من الذين لم يتسلموا منصبا سابقا في الدولة فلن يكونوا (سواء بوعي منهم او بدون وعي) سوى ضحايا جدد لوضع الفساد، وادوات جدد ايضا للعبث والتردي المتواصل، ولكنهم (العبادي ومجموعته) مصرون على الاستمرار في اللعبة ليس ليقينهم بانها ستبعد عنهم شبح النهاية المحتومة الماثل امام عيونهم بل لانهم ايضا لايملكون خيارات اخرى سوى تاخير تلك النهاية الى اي مدى يمكنهم الوصول اليه، فلقد سقطت ورقة التوت التي سترت عورتهم وهم يدركون تمام الادراك ان الشعب ناقم عليهم كاره لبقائهم، منتظر لفرصة تعيد اليه وجوده وفاعليته ،
لقد تستر هؤلاء بعباءة الدين وبالطائفية وظنوا ان الشعب مهما بلغت به المآسي لن يثور في يوم ما ضد دينه او طائفته، ولكن بعد عقد من الزمن كشف الشعب هويتهم وكفر بدينهم البعيد عن روح الاسلام وقيمه التي حرفوها وجعلوها اداة للسلطة ولجمع الثروات وكفر بطائفيتهم المقيتة التي عزلتهم تماما حتى عن جماهيرهم، واختفت والى الابد القدسية التي احاط بعضهم نفسه بها وهو يضع العمامة السوداء او البيضاء على راسه، فهاهو عمار الحكيم الذي يرجع نسبه الى عائلة المرجعية الدينية السابقة وقد اصبح اضحوكة لدى النساء ومحط سخرية لدى الرجال، اما صنوه مقتدى الصدر وهو الذي ورث فقط سمعة وجمهور ابيه، اصبح ايضا مثار تندر وسخرية كل عاقل ورشيد ولم يعد يتبعه سوى الرعاع ، فما عادت هناك قدسية حقيقة لهم بل انهم بعمالتهم الواضحة للاجنبي وبغبائهم وسوء تصرفهم وفسادهم ونهبهم للمال العام والاستثراء المفرط على حساب الفقراء واليتامى والارامل هزوا هالة القدسية التي كانت تتمتع بها مرجعية النجف
الاشرف فهاهي الان كما لم يسبق لها ابدا ان تعرضت لما تتعرض له من النقد والتجريح والاتهام بالتهاون مع الفاسدين بل وبالتعاون معهم واكثر من ذلك بالتامر على العراق والتعاون مع الاجنبي المحتل، ورغم ان الكثير من المثقفين والمتعلمين من ابناء الشعب كانوا منذ الوهلة الاولى يدركون ان المرجعية باعت العراق بثمن بخس حسب اعترافات وزير الدفاع الاميركي الا انهم لم يجدوا الفرصة ولا القدرة على توجيه النقد والاتهام لها والمساس بقدسيتها،ولكن وبعد ان اظهر التحالف الشيعي فشلا ذريعا في ادارة الحكم وبعد ان نخر الفساد جسده تهاوت قدسية رجال الدين جميعا ومعها تهاوت قدسية المرجعية ، واصبح من السهل جدا على المواطن التندر والاستخفاف بل والاحتقار احيانا لرجال الدين وعلى راسهم من وضع نفسه في مقدمة العمل السياسي،بعض السياسيين في المنطقة الغبراء،كما في كل مكان في العالم، يراهنون دائما على الجهلاء وعلى الرعاع من ابناء شعبهم ( كلمة الرعاع في العربية هي سفلة القوم وغوغاؤهم) في تجاوز الازمات وغالبا ما ينجح هؤلاء بمساعيهم خاصة في الشعوب البعيدة عن الحضارة والتي تعيش مكتفية بماضيها دون النظر الى المستقبل، وفي العراق الذي يعمه وللاسف الجهل ويسيطر على مجرياته الرعاع بعد ان كان مجتمعا ناضجا ومتحضرا في القرن الماضي، تجد هذه الفكرة آذانا صاغية لدى الكثير من السياسيين رغم ما يظهره الاحرار المثقفون والناشطون من سخط واحتجاج ميداني احيانا وعلى شبكات التواصل الاجتماعي بشكل دائم، فالسياسيون ورجال الدين واغلبهم قادة لميليشيات مطمئنون الى ان اتباعهم يستطيعون بما يمكلون من عدة وسطوة ارعبت الناس لوقت طويل من اسكات الاصوات الثائرة واخماد اي شعلة للحرية، وهم صائبون في ذلك الى حد ما، واثبتت الاحداث في ساحة التحرير وميادين التظاهرات في بابل والناصرية تطابق رؤاهم مع رد الفعل الباهت والواهن من الجماهير ازاء الاعتداءات الاجرامية الوحشية التي قاموا بها ضد المتظاهرين، غير انها في النهاية لن تجدي نفعا بعد ان وصل الاستخفاف لدى الجماهير الى اقصاه مثلما وصل الفقر والجوع والظلم الى اقصاه، وايضا بعدما وصل غباء الطغمة الحاكمة الى اقصاه ايضا، فما تفعله وزارة الصحة من جبي اموال من المرضى وزائريهم احد المسامير المهمة في نعش العملية السياسية برمتها اضافة الى قيام امانة بغداد ووزارة النقل ايضا بجبي الاموال من الناس معتقدين ان ذلك سيحسن ميزانية الدولة ويزيد عنها عبء النفقات متناسين انه انما زاد من غضب الشعب وقصر من الزمن المتبقي لنهاية الفاسدين، وجباية الاموال التي قامت بها هذه الدوائر والوزارات عمقت الفجوة القائمة اصلا بين الشعب وحكامه وتدلل ايضا على ان الحاكمين والدجالين من رجال الدين لم يتعلموا الدرس جيدا ولم يتعلموا شيئا من السياسة رغم ممارستهم لها اكثر من عقد من الزمن، ولو ان اي انسان يربي حيوانا اليفا لعدة اشهر لترى الحيوان وقد تطبع بسلوك مربيه يتعامل معه ويتناغم وحركاته واشاراته ورغباته كما الطفل الوليد ايضا، إلا حكام العراق الحاليين فلم يتعلموا طيلة فترة حكمهم ابدا كيفية التماهي مع الشعب ومحاكاته والتعامل معه بما يحقق لهم النجاح وله الحياة الحرة الكريمة التي يدعون زورا وبهتانا انهم ناضلوا من اجلها، والبحبوبة والرفاهية التي يعيشها رجال الدين والسياسيون والقصور التي سكنوها والتي لم يحلموا يوما ان تطأ اقدامهم ارضها، اذهلتهم وافقدتهم رشدهم وابعدهم عن ملامست مشاكل الناس ومعاناتهم، وإلا بماذا يمكن ان نفسر النظرية الاقتصادية الكبرى التي خرج علينا بها الصعلوك جلال الدين الصغير والتي يدعو الشعب بها الى عدم تناول النستلة، والى توفير سبعين الفا من اصل مئة الف هي راتب غالبية الاجراء في العراق، التفسير الوحيد الذي يمكن ان نسوقه لهذه النظرية هو ان هذا الدجال لايعرف حقا قيمة الدينار
العراقي اولا وثانيا انه طيلة تواجده ضمن المنظمة الميليشياوية باعتباره قائدا لميليشيا معروفة، ومجرما له صولاته خاصة في عامي 2006- 2007 لم يتعامل بالدينار ولم يلمسه مطلقا،وكل صفقاته ومعاملاته انما بالدولار الاميركي، لذلك ظن هذا الدجال ان اجر المواطن العراقي هو مئة الف دولار شهريا وليس دينار..
والرعاع الذين يستند اليهم رجال الدين والسياسيون هم ذاتهم الذين سينهون حكم قادتهم فليس كل عضو في ميليشيا يعيش في بحبوبة، فالفقر قد دق اسفينه في كل عائلة، ولكنهم جميعا يعيشون الان بحبوة السطوة كونهم اعضاء في عصابات منظمة، ولكن اللحظة قادمة، تلك التي يرى الميليشياوي نفسه غير قادر على سد رمق اطفاله في الوقت الذي يعيش فيه رجل الدين وقادة الميليشيات حياة الملوك والامراء ، سيكفر هذا الميليشياوي بمولاه حين يراجع طبيبا او مستشفى ، وسيكتشف ان عليه ان اراد ان يسد احتياجاته اليومية الاساسية ان يسطو على بيت او محل او ان يخطف اي مواطن اخر حتى وان كان احد اقرباءه، ليتسلم فدية عنه وربما قتله لاحقا، ومعظم ابناء لشعب يدرك اليوم ان لاوجود لميليشياوي من بدر او الصدر او العصائب او الستين فصيلا الاخرى سواء سنية او شيعية او كردية لم تتلطخ يده بدماء العراقيين ، او ان يكون طرفا في مآسيهم، والخلاصة هي ان الذي يستند على الرعاع لحماية نفسه ومصالحه ومركزه في الحكم عليه ان يدرك ان ثورة الرعاع والجياع قادمة لاريب، بعد ان يدق الفقر والجوع والظلم ابواب الرعاع الموهومين الان بالسطوة والتسلط على رقاب الناس، وبعد ان سقطت ورقة التوت التي تستر الدجالون بها لسنوات مضت.
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات