23 نوفمبر، 2024 7:03 ص
Search
Close this search box.

ميدان التطوير/الحلقة الثانية

ميدان التطوير/الحلقة الثانية

من أبرز ما طرح في المناقشات التي تلت الرؤى و المساعي الإصلاحية التي تقدمت بها السلطتين التنفيذية و التشريعية ، هو جوهرية و جدية هذه الإصلاحات ،  و هو محور على قدر كبير من الأهمية ؛ فالمشكلات التي تضرب بمؤسسات الدولة العراقية ليست بالسطحية التي يمكن أن تعالجها إصلاحات سريعة أو مباشرة ، فالسمة الابرز في الازمات هذه هو التعقيد و التركيب ، و أبرز أسباب هذا التعقيد هو تنامي الاخطاء و تراكمها إلى أن بلغت مرحلتها هذه ، جوهرية الاصلاح و شموليته بالفعل صار المطلب الملح بعد أن قال الجمهور و المرجعية أن ما طرح من إصلاح لم يكن مقنعا ، لذا نجد أن جولة الاصلاحات الثانية رفعت شعار الشمولية و الجوهرية ، وما أن بدأت بعض المساعي المتموضعة في الجوهرية حتى بدا واضحا الحاجة التشريعية القصوى للعمل الاصلاحي ، فعندما سعت الجهات المعنية بعملية استدرداد الاموال المهربة خارج العراق ، وجدنا أن الكثير من أعضاء هذه الجهات يعترفون بقصور اليات العمل بسبب الضعف القانوني المحرك للعمل بسبب عجز هذه القوانين نظرا لتقصير المُشرع ، و هذا بالضبط ما طرحته السلطة القضائية مرارا ؛ فالقضاء العراقي قال في أكثر من مناسبة هذا … عملنا بين أيدي كل منصف فليقيمه بموضوعية ، و إننا قمنا بكل ما علينا ؛ إلا أن ما نشكو منه على الاغلب يرتبط بالجهتين ، الجهة التي تسبقنا و هي الجهة التشريعية و التي تلينا و هي الجهة التنفيذية ، فالمشرع العراقي كان و لا يزال مقصرا في القيام بمهامه التشريعية في إكمال وضع الخريطة التشريعية القضائية التي تقدمت بها السلطة القضائية ، و التي يمكن للقضاء العراقي أن يواجه فيها التحديات الراهنة ، خاصة في محاسبة الفاسدين و أعمال التطوير القضائي ، و أما الجهة التنفيذية فعليها أن تتفاعل بشكل أكثر جدي مع الاحكام و القرارات القضائية ، فالجوهرية في الاصلاح قبل كل شيء هي المُداومة على التطوير الذي من شأنه أن يمنع تراكم الاخطاء و تعقدها ، و القيام بالواجبات بما يحرز تحقيق الوظيفة التي تتحرك المؤسسات من أجلها ، و في السلطة القضائية وعلى مدى العقد الاخير أستطاع رجال القضاء العراقي أن ينجحوا في عملية المُداومة التطويرية ، ومنها ما يرتبط في بناء الجيل القضائي و المؤسسات القضائية و الاستحدثات الحديثة كمحكمة الشؤون الرياضية وغيرها و مكاتب التحقيق القضائي ، و الافتخار بان الأسرة القضائية لم يسجل على احد منها قضية فساد واحدة ، بل أن هذه السلطة هي من قامت بنفسها بمحاسبة قضاتها المخطئين ، و أقصاء القضاة المذنبين و عددهم ثمانية ، هذا الفعل البنيوي من شأنه أن يجعل القضاء لا يتحدث و لا يحتاج الى المفهوم الجوهري ، و لذلك نجد أن المسئولين في السلطة القضائية يتحدثون عن التطوير و ليس عن الاصلاح ،  و يحاججون كل منصف أن قضائنا هذا يحتاج الى تطوير و التطوير حاجة دائمة ، و ليس الى إصلاح و هو حاجة الخرب .

أحدث المقالات

أحدث المقالات