كان نظر (الوليّ الفقيه) منذ البداية دعم حكومة الشّعب المنتخبة بقيادة المالكي, و لذلك كلّف وقتها مجموعة من العلماء و المراجع و الأفاضل و المُختصين لتوليّ مسؤولية إدارة النظام السّياسي العراقيّ لأنجاح التّجربة الديمقراطية العراقية الجديدة التي يجهلها العراقيون لخلاص الشعب من الأستغلال و الفساد و الظلم, وكان أبرز المتصدين اية الله العظمى المرجع السيد الهاشمي الشاهرودي و كذلك اية الله العظمى السيد المرجع الحائري و آية الله مجتبى الحسيني أللذين تولّوا إدارة الملف السياسي العراقي بما يرضي الله و يناسب الواقع و يحقق للشعب العراقي المظلوم حقوقه .. يساعدهم في ذلك الكثير من الأفاضل من آيات الله العظام كآية الله الآصفي و آلسيد الحسيني مع خبراء مختصين بالشؤون السّياسية و الدولية و العسكرية و الأدارية.
لكن أمريكا كانت تراقب الوضع عن كثب من خلال عملائها و كثرة جواسيسها في الأوساط العراقية الهشة المخترقة .. خصوصا الشيعية والكردية كما السنية التي باتت لا تشخص نهجاً أو وليا ًأو حقا أو باطلا فاقدين لصوابهم!
و لكن و بآلرغم من ذلك جاء دعم (الولي الفقيه) المقتدر بكل ثقة و وضوح و بيّنة لأنجاح أوّل حكومة ديمقراطية شرعيّة منتخبة من قبل أكثرية الشعب العراقي و من مختلف الطوائف و القوميات؛ سُنة و شيعة و عرب و أكراد و تركمان مع توافق عام في ذلك, برئاسة السيد نوري المالكي!
و إستطاعت أن تتقدم أشواطاً للأمام و تقضي على أكبر المليشيات المسلحة في الوسط و الجنوب و مناطق أخرى من العراق بآلاضافة إلى تأسيس شبكة من العلاقات الخارجية مع روسيا و الصين و أوربا و حتى أمريكا التي لم تفي بوعودها و إتفاقياتها بسبب تدخل اللوبي الصهيوني في هذا الملف, و بآلفعل لم يرقى ذلك الوضع الذي بشر بمستقبل واعد للعراق أصحاب المصالح في (المنظمة الأقتصادية العالمية)!
فبان غضب أمريكا و حلفائها في المنطقة و بآلذات السّعودية جنوباً و تركيا شمالاً و الأردن غرباً و الكويت و بقية دول الخليج من شرق الجنوب و هكذا بقية الدولة المتعاونة مع هذه الأطراف المعروفة بولائها المطلق للسياسة الأمريكية طامعين بآلمزيد من النهب و الجاه على حساب الدم العراقي الذي صار أرخص من مياه الشرب عندهم.
و بدأت التدخلات و الحروب و حياكة المؤآمرات ضد تلك الحكومة القوية نسبياً.. بل الأقوى إطلاقاً من وسط كل الحكومات السابقة و الشركاء المتحدين الذين لم يكن أمامهم سوى الأتحاد لبيع العراق و تخريب الوضع من أجل إسقاط حكومة المالكي بأي ثمن على أمل الحصول على أمتيازات أكبر و مناصب أرقى على حساب حقوق الفقراء و تدمير البنى التحتية و بيع الأراضي للدواعش الذين سرعان ما إحتلوا الموصل و تكريت و الرمادي و الفلوجة بآلكامل و في زمن قياسي من دون أن تحرك المعارضة شيئاً, و كان ما كان بسبب الأئتلاف العراقي الذي صار وصمة عار في جبين شيعة العراق .. بعد ما إتحد مع كل البعثيين و الأعداء في الداخل و الخارج للأطاحة بآلحكومة, التي كان بإمكانها الوقوف بوجههم جميعاً لولا تدخل المرجعية الدينية السّلبي في الوقت الضائع لتغيير الخارطة السياسية و قلب الأوضاع رأساً على عقب!
و لكن هل مع ذلك التغيير الظالم .. تغيير الحال نحو الأحسن بعد التآمر على المالكي و تغيير أركان الحكومة و دمج بعض الوزارات و المؤسسات و إرجاع البعض و طرد البعض؟
أم بآلعكس .. إزداد الفساد و إنتشر الدواعش و خسر العراق الكثير من مدنه و بناه التحية , بل وقع في مآزق كثيرة و ديون كبيرة يشيب لها رؤوس الأطفال و آلأجيال ألمسكينة التي لم تلد بعد و التي عليها أن تدفع الثمن غالياً و أضعافا مضاعفة .. لكن من أين لها ذلك .. و مورد النفط قد إنتنهى تقريباً!؟
هذا بجانب أن العراق خرج بعد سنتين تقريباً من حكم الأئتلافات الظالمة مدينأً بخمسين مليار دولار للبنوك الدولية و العالمية و صندق النقد بسبب القروض الكبيرة و شراء المعدات و الأسلحة بآلآجل من قبل جميع الوزارات التي نهبها أصحابها الفاسدين الذين أتقنوا جيدأً جميع أساليب و فنون الأستجداء و الدين و التسكع على أبواب البنوك و صناديق القرض العالمية بلا حياء أو فكر يوجههم في ذلك عملاء أصحاب البنوك نفسها لتبقى أسيرة لآخر المدى!
و ليس هذا فقط .. بل وصل الحال أخيراً .. لئن تعلن الحكومة حالة الأفلاس بدعوة الناس للتقشف و التبرع و دفع الضرائب لأجل ضمان إستمرار رواتب المسؤوليين و الوزراء و النواب الذين يستهلكون نحو 40% من أموال الدخل القومي السّنوي!
بجانب أنّ الحشد الشعبي المقدّس لم يستلم أكثر مجاهديه رواتبهم منذ شهور و يعانون شتى المضايقات و العوز و الحاجة لتأمين قوت عوائلهم!
و بذلك تكون مسؤولية الفساد و دمار العراق قد وقعت على عاتق المسببين لذلك التغيير الظالم الذي كان من المفروض أن لا يحصل إطلاقاً , لأنه كان بمثابة أنقلاب و مؤآمرة على الشعب العراقي عامة و على الشيعة خاصة, الذين تعرضوا لكل أنواع الظلم و الأرهاب و هم مَنْ إنتخبوا الحكومة السابقة و في ظروف معقدة و صعبة للغاية.
و هكذا و بعد ما جربنا المجرب .. كانت النتيجة أن دفع الفقراء ثمن تلك الأخطاء المفصلية الجسيمة التي إرتكبها السياسيون الفاسدون و بأسناد من المرجعية التقليدية للأسف ؟
و لا أدري .. هل هؤلاء المبطرين يتصورون بأن الشعب حقل تجارب أم فئران, ليفعلوا كل ذلك به؟
أم إنهم حقيقة لا يمثلون و لا يفهمون الدين الأسلامي و الأجتهاد الأسلامي الذي يفرض عليهم قراءة المستقبل قبل البت بأية فتوى من هذا القبيل .. لأنها تشكل مصير و مستقبل أمة بكاملها, و كما شهدنا الآن!
و رغم إن صوت المرجعية كان يُدوّي عبثاً كل جمعة و مناسبة للقضاء على الفاسدين و القيام بآلأصلاحات المطلوبة التي وعد بها السياسيون ألأبدال طويلاً قبل تنفيذ المؤآمرة على حكومة المالكي؛ لكن ليس فقط لم يتغيير شيئ نحو الأحسن .. بل ساءت الأمور أكثر فأكثر و تعقدت الحلول و كثر الفساد و النهب و الدمار, و السبب هو إن الفاسد لا يمكن أن يقضي على الفساد, و علة العلل هو ذلك آلخطأ ألكبير في حسابات المرجعية العليا التي وثقت بهؤلاء السياسيين الذين تآمروا على الحكومة السابقة بغير وجه حق سوى للأموال و المناصب, و كان تياراً كبيراً من “الدعاة” الأنتهازيين للأسف يتقدمهم إبراهيم الجعفري و العلاق و عباس البياتي و آخرين عرفهم الشعب لا يحملون أي فكر أو ثقل علمي قد وجهوا ضربات قاصمة للشعب و لأقتصاد العراق و بناه التحية حتى أفلس الوطن و المواطن إلى ما دون الصفر بخمسين مليار دولار!
و آلجديد الذي حدث اليوم و بعد خراب البلاد و العباد أنّ (المرجعية العليا) أبدت استيائها و أسفها و مقتها .. و لكن بإستحياء من هؤلاء الحيتان الظالمة و الطبقة الحاكمة ألتي لا تستحي لا من الله و لا من الشعب و لا من أنفسهم, بعد ما أثبتوا عجزهم و فسادهم خصوصاً رئيس الأئتلاف الوطني ثم رئيس الوزراء و شلته ثم مجلس النواب و نوابه و حتى هيئة القضاء الأعلى و قضاته, و لذلك أعلنتها المرجعية مؤخراً و على المكشوف؛ بأنها سحبت دعمها من كل العملية السياسية و أغلقت أبوابها بوجوههم, و كان هذا بمثابة مؤشر خطير لمستقبل خطير جداً .. جداً لا يحمد عقباه طالما أشرت له في بحوثي و مقالاتي العديدة كل يوم و إسبوع و شهر!
لقد وصلتنا خلال الأيام القليلة الماضية و من مصادر خاصة ذات علاقة وثيقة بمرجعية السيد علي السيستاني في النجف أخباراً أكّدت ان ( المرجع الاعلى في العراق الامام السيد علي السيستاني) قد اغلق ابوابه بوجه الساسة العراقيين نهائياً خصوصا السيد عمار الحكيم و إئتلافاته و التيار الصدري و قنواته و الحكومة بقيادة رئيس الوزراء و التيارات القومية الأخرى بسبب مواقفهم السلبية الأخيرة تجاه العراق و التغييرات الحكومية بشأن الأصلاحات المزعومة.
و في مقابل هذا الإنغلاق فتحت مرجعية السيد السيستاني قنوات تواصل جديدة مع المالكي من اجل ترطيب الاجواء و توضيح بعض ملابسات ما حصل صيف العام 2014م و كأنها أبدتْ بأدب ندمها و أسفها لما حصل ضد الحكومة السابقة فيما مضى بسبب حسابات خاطئة فاجأت المرجعية, و لذلك إعترفت بأحقية و شرعية حكومة الزعيم نوري المالكي بعد ان شوّه الإئتلاف الشيعي قبل جميع الأئتلافلات الحقيقة حين خدعت المرجعية بأخبار و بشعارات و دعوات إصلاحية لأنقاذ العراق بشرط إزاحة المالكي عن الحكم!
و يبدو أن هناك إنقلاب عظيم و خطير في نفس الوقت سيحدث في العراق خلال الأشهر القليلة القادمة و الله هو الساتر .. وعلى الشعب العراقي ألأنتباه لهذه المرحلة القادمة و التي ستكون بدايتها صعبة و معقدة للغاية بسبب التركة الفاسدة الكبيرة و الدّيون التي ستقضي على آلأمال التي تأمل بناء مستقبل أبناء العراق المساكين, و قد تكون تلك الأخطار كبيرة و قاتلة و نوعية لأن الأئتلافات التي توافقت من قبل ضد الحكومة الشرعية ستجهز بكامل قواها للوقوف بوجه الحكومة الجديدة لإفشالها لأنها ستُنهي وجودهم السياسي و الأقتصادي للأبد و قد يُقدّمون إلى محاكم ثورية عاجلة لتصفيتهم مع حساباتهم المليونية .. بل المليارية التي سرقت من الشعب و ملأت بنوك لندن و سويسرا و العاقبة للمتقين .. و سلاماً على النهج الألهي للولي الفقيه الذي شخص الحقّ منذ البداية و قبل الجميع بقوة الله و رعايته و فضله, إنه نعم المولى و نعم النصير.