يبدو ان المنظومة السياسية للحزب الحاكم لا يمكن ان تُنتج عقلية خالية من العقد وتتعاطى بواقعية مع المتغيرات الميدانية او السياسية وان تخرج من دائرة الحزبية وتبتعد عن شخصنة الامور سيما ان بناء الدولة وقيادة الحكومة تحتاج لعقلية سياسية تتصف بالمرونة والنظر بعين المصلحة الوطنية لا ان تخضع لتأثير الانتماءات الحزبية الضيقة والرضوخ لامزجة الحواشي وتوسيع الازمات وليس تضييقها
فمنذ عقد من الزمن وحزب الدعوة يجلس على كرسي الحكم في العراق ابتداء من حكومة الجعفري وثمان سنوات من حكم المالكي وصولا للدكتور العبادي تجربة كافية لتقييم اداء هذا الحزب الذي على مايبدو ان سياسته في ادارة الدولة ترتكز على صناعة الازمات لديمومة الاستمرار في الحكم واستثمار اية ازمة سياسية لاضافة مكاسب شخصية وحزبية يعتقدون انها ستساهم في زيادة رصيدهم الشعبي والانتخابي وخصوصا عندما يصطدمون مع المناوئين لهم والمعارضين لسلوكياتهم في ادارة مؤسسات الدولة.
لذلك لا يمكن للسيد العبادي ان يبتعد عن دائرة الحزب الحاكم والمؤسسة السياسية لدولة القانون لانه جزء من هذه المنظومة التي فشلت في انتشال العراق من الازمات السياسية والامنية والاقتصادية وبذلك فإن موضوعة الاصلاح لا يمكن ان تكون واقعا ملموسا اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان السيد العبادي يمتاز بالمكر السياسي والقدرة على التسويف بطريقة ذكية جدا من خلال استثمار الاصلاح لرمي التهم على الشركاء في حين انه لحد اللحظة لم يتخذ خطوة واحدة تجاه المنتمين للحزب الحاكم او يكشف مفسدا واحدا ينتمي لدولة القانون وهم من حكم العراق لثمان سنوات كانت موازنات العراق تكفي لبناء قارة بأكملها تلاشت بين مكارم (مختار العصر) وعقود اسلحة فاسدة ومشاريع وهمية وغيرها من ملفات الفساد التي حولت العراق لبلد يستجدي القروض ويفرض رسوما على المواطنين لعبور الضائقة المالية في حين يتنعم ابناء الطبقة السياسية الحاكمة بخيرات هذا البلد في العواصم التي يحملون جنسيات دولها بينما ابناء المسحوقين يفترشون تراب الخنادق دفاعا عن العراق الذي يحكمه السراق والمفسدين والمنتفعين .