يلقى اللوم في تدهور استخدام اللغة العربية على امور ثانوية ليست هي السبب المباشر لتغطية العجز المستمكن فينا والكسل المتوارث او لمتبنيات ومرتكزات فكرية بحاجة للتغيير والتصحيح. فنحن مثلا ً نضع اللغة العربية في خانة المقدس الذي كثيرا ً ما نضعه داخل قفص تقديس حسي غالبا ً ومعنوي احيانا ً ,لكن ان كان قفص التقديس يتماشى مع البشر العظماء ممن ماتوا فانه لا ينسجم مع طبيعة اللغة إذ انها كائن حي لا بد لها من تفاعل لا ان توضع داخل اقفاص من قبيل انها لغة القران لغة اهل الجنة ولغة الاسلام .فهذه لم تجدي اللغة نفعا ً بل يجب التعامل مع اللغة كشيء مادي دنيوي لا بأس من تعديله تطويره او اختزاله.
فالله الذي انزل القران استخدم العربية لا لانها لغة مقدسة بقدر كونها لغة القوم الذين سينزل عليهم كتابه فلو كان انزله على الرومان او الصينيين لاستخدم لغتهم وان كانت اللغة قد اكتسبت التقديس منذ استخدام الله لها,فالله قد استخدم صيغ بلاغية واستعارات كان يستخدمها اهل قريش لعقود طويلة وهي لم تكن مقدسة فهو جل وعلى استخدم السبعين للتكثير كما استخدموه واستخدم التكرار لثلاث مرات كأكثر استخدام كما كانوا يفعلون فحينما ذكر ليلة القدر ذكرها ثلاث مرات بصورة صريحة وفي الرابعة استخدم ضميرها.واستخدم امثالهم واستخدم تسمياتهم كالعبقري وحجرا ً محجورا ً .فالله لا يبالي ان يقتبس ويطور ويلغي بل انه في كتابه الكريم خرج على قواعد اللغة العربية فقط ليثبت ان المتحدث هو الله الذي لا يبالي ان يخرج على قواعد البلاغة من اجل ان يصدم الاذن العربية التي اعتادت شيء معين وبالتالي يهيؤها لاستقبال ما يريد بعد ان يلقي بروعها ان القائل ليس ببشر.كل ذلك تناسيناه واكتفينا منه بالعناوين لا الروح والمضمون.
فأصبح مدعاة لتكاسلنا فمتى صدر اخر قاموس باللغة العربية ولماذا لا تطور اللغة فيتم تسهيل تلقيها بالنسبة للدارس بالحد الضروري من قواعدها والذي يكفي للحفاظ عليها ككائن حي متفاعل.شاهدت لقاء لخبير في اللغة العربية وقال ان احد العقد الدراسية لديه كانت مسألة الضمير المستتر تقديره وانه بقي كذلك حتى المرحلة الاولى في قسم اللغة العربية ولولا ذلك لبقي سر مجهول من اسرار حياته . ولماذا لا تسهل طريقة الكتابة فيتم التخلي عن النقط كما العبرية مثلا ً وبذا تصبح لغة سريعة في الكتابة وتبقى النقط كترف جمالي وتزويق شكلي يضاف الى انواع الخطوط المعروفة فيستخدم كهواية وكجمالية ومتعة ولماذا لا نقتدي باللغة الانكليزية وهي اكثر لغة استخداما ً حيث تتكون من 26 حرفا ً حرفان منهن فقط يحتاجان لنقط . لكن استطيع ان اؤكد انه بغياب روح المبادرة فاللغة لن تبقى مكانها بل ستتراجع وتبدأ تحتضر وهو امر مؤسف اذا علمنا ان لغة كاللغة العبرية بعثت من القبر بعد 2000 سنة.
فعلينا اذن التخلي عن مؤتمرات اللغة الشكلية والخاوية واستبدالها بحلول عملية تشمل النخبة بالتغيير وليس عموم الناس ولهجتهم واتهامهم بالتقصير وإلقاء المسؤولية عليهم توافقا ً مع طريقة تفكيرنا الطبقية ونظرتنا للأمور , فيجب تطوير القاء مقدمي الاخبار والحد من اخطاؤهم اللغوية الفاضحة كما يجب تثقيف النخب التي تظهر في اللقاءات سواء سياسيين ورياضيين او محللين وخبراء عسكريين وسواهم بل حتى رجال الدين بالكف عن استخدام المصطلحات الاجنبية التي يستخدمونها ليعطوا الرسالة انهم مثقفون وهذا اعتراف بالضعف والعجز والهزيمة امام منتصر هو الغر ب وبالتالي انعكست الهزيمة على لغتنا. فيجب توجيه هذه النخب والكف عن لوم اللغة العامة ومستخدميها في انها هي من تطعن اللغة فالنخبة تستخدم عشرات المفردات الاجنبية والتي مع كل استخدام هناك مفردة عربية مستبعدة.
في حين ان هناك ليس اقل من 200 الى 300 مفردة بالعامية هي اما فصيحة تم تحويلها قليلا ً لتناسب الاستخدام العامي مثل ” ﮔام – ” من قام ,” ﮔﻮاهم الله ” من قواهم الله وعشرات من المفردات الفصيحة المحايدة مثل ” ملامحها – ملامحه ” .او استخدام العامية للمفعول المطلق ” العب بيهم لعب ” او العبارة الرائعة التي تحتفي باللغة اي احتفاء وهي ” ليست المعرضات الترك ” اي ان الامور التي تعرض لك صدفة لا تترك وهي اقرب ما تكون بإعادة صياغتها لغويا ً الى ” المعرضات لا تترك ” . كذلك تظهر هذه العبارة استخدام ليس وهي من اخوات كان .
وبذا تكون النخب وغياب الارادة لا العامية هي مشكلة اللغة فيجب علينا الابتعاد عن الطبقية عند نظرنا للمشاكل وكذلك عند حلولها وان نلجأ لخطوات عملية محددة حازمة وقاطعة وإلا فأن لغتنا تسير بمهب الريح ونحن نتفرج ونلوك بقدسيتها .