تركت المرجعية ومن خلال منبر الجمعة النصح للحكومة، طوال عشر سنين وصل لحد قالت إن “أصواتنا قد بُحَتْ “، وهو شيء غير مألوف من السيّد السيستاني، ناهيك بعدم إستقباله رئيس الوزراء نوري كامل المالكي أكثر من مرة، لانه لا يأخذ بالنصح! والسبب تعنت حزب الدعوة وتمرده على مرجعية النجف، ونصب العداء لها مضيفا لذلك تجنيد أشخاص يتم شراء ذممهم بالمال، ليتطاولوا على المرجعية من خلال فبركة الأخبار وتسويقها، بغرض التسقيط ولم يسلم منهم أحد !.
بعد الإعتراضات التي جابهها نوري المالكي، وإصرار باقي الكتل بإختيار شخص آخر، كان العبادي هو الحل، وتمت تسميته، وإنتهى المشوار الذي طال أمدهُ، لكن حزب الدعوة لم يرق له الحل، الذي كان من المفترض أن يكون مقبولاً لان المرشح يمثلهم ومن نفس الحزب، بل نصبوا له العداء ووضعوا العراقيل أمامهُ، على إثر ذلك خرجت التظاهرات، المنددة بسوء الإدارة والخدمات وغير ذلك، حيث علل السيد العبادي كل ذلك، سببه الفساد المتغلغل في كل مفاصل الدولة !.
أول الغيث كشف الفضائيين في كل من وزارة الدفاع والداخلية، التي كانت بعهدة رئيس الوزراء الأسبق، وكان العدد مهولاً، وكل ذلك كان على الفضائيات ولا يمكن نكرانه، ووعد بتقديم كل اؤلائك المستفيدين للقضاء، وهو يتصور أن المواطن العراقي غافل عن الإدارات، سواء في مجلس النواب أو غيره من الأماكن، التي إستحوذ عليها حزب الدعوة، وهو الذي كان يمسك منصب رئيس اللجنة المالية، في مجلس النواب للفترة المنصرمة، ويعلم بحركة الأموال العراقية كلها وأين إستقرت .
بعد المطالبات الملحة من المتظاهرين بكشف كل الفاسدين، وقد قبل السيد رئيس الوزراء قيادة حملة إصلاح، تطال كل من ثبت بحقه الفساد، وسرقة الأموال العامة، وثراء المسؤولين الفاحش، والأرصدة والبنوك التي تم إنشاؤها من أموال العراقيين المسروقة، على إثر ذلك نال مساندة المرجعية وتخويل الشعب، لكنه ضل يراوح مكانه! وكان يتصور بإمكانه تخدير العراقيين بتلك الإبر المخدرة، التي ما عادت تنفع، لأنها متكررة ومجربة ممن سبقوه، من قيادات أكبر منه في حزب الدعوة نفسه .
لم يبين حزب الدعوة موقفه من الأزمة، خلال الأشهر الماضية كما فعلت باقي المكونات، وهو بيده كل الحلول بالخروج من الأزمة، سيما وأن بعض الوزراء حققوا نجاحات لم يسبق للعراق تحقيقها، طوال السنوات الإثني عشر الماضية من عمر الحكومة، وصلت النجاحات بتحقيقهم أرقام قياسية، بينما ضلت باقي الوزارات تراوح مكانها! وبقاء كل مناصب الوكالة كما هي، وإستبدال الذين يقفون أمامهم بكوادر الدعوة، وهذا يبعث على الحيرة! من يريد الإصلاح عليه إستبدال الفاسدين وليس العكس. .
طوال الفترة التي عقبت التظاهرات، والتأييد من المرجعية والجماهير، لم يعمل السيد العبادي أي شيء يذكر! ولم يستبدل أيّ شخص أو يحيله للقضاء، فالفساد الذي شخصه بقي نفسه والسيد الجلبي ذهب ضحية كشفه السرّاق، من خلال الملفات التي يمتلكها، والعبادي يعلم بذلك الفساد، الذي لم يجابهه كما إدّعى بمحاربته، لان الأشخاص المدانين معظمهم من حزبه، وهو لا يقدر أن يحيلهم للقضاء، ولم يأمر وزيراً بتنفيذ أمر رئاسي معين وتمت مخالفته، فما العذر بالقرار الجديد !.
التكنوقراط لغة جديدة يستعملها العبادي، لإقصاء الناجحين وخاصة من ثبت وطنيتهم، في الأداء الحكومي الجيد، الذي يشهد له العمل والأرقام المتحققة، ومن يريد أن يستبدل كل الوزراء بشخصيات تكنوقراط، عليه أن يتذكر وزارة الكهرباء وتعاقب عليها إثنان، ووزارة الدفاع والداخلية، وكانت النتائج مخيبة للآمال، فالفساد نخرها من الصميم، سيما هو من حزب وليس تكنو قراط، وهذا القرار ينطبق عليه أولا قبل غيره، إضافة لإجتثاث كل الشخصيات التي زرعها المالكي، في المفاصل المهمة وإستبدالهم بغيرهم .