23 نوفمبر، 2024 4:33 ص
Search
Close this search box.

ما ألمطلوب من استضافة رئيس الوزراء العراقي ؟!

ما ألمطلوب من استضافة رئيس الوزراء العراقي ؟!

أعلن مجلس النواب العراقي عن استضافة الدكتور العبادي في جلسته التي ستعقد اليوم ( السبت ) لمناقشة موضوعين هما التغيير الوزاري والأزمة الاقتصادية ، وينتظر الشعب نتيجة إيجابية من هذه الإستضافة لتحسين الوضع العام وان تكون المناقشة على مستوى التحديات وبعيدا عن المكاسب الضيقة وتبادل الاتهامات .

بالنسبة للتغيير الوزاري ، فان النقاش يفترض أن يتناول النقاط الآتية :

أولا: مواصفات الوزراء الجدد
من المعروف إن الإدارة العراقية منذ تأسيسها قامت على كون وظيفة الوزير هي وظيفة تنفيذية ، وبالتالي فان الوزير يجب أن يكون حائزا على المواصفات التنفيذية والتي من أهمها : التخصص ، المعرفة بعمل الوزارة ، القدرة على اتخاذ القرار الحاسم السريع ، دقة الملاحظة ، الواقعية ، سرعة البديهة ، القدرة على العمل اليومي الطويل ، اللياقة الصحية ، المقدرة على تحليل وتقييم المتغيرات ، المهنية ، الاستقلالية ، المؤسساتية ، النزاهة ، الترشيد ، الشجاعة ، العمر المناسب …. الخ . وإذا راجعنا مواصفات وزراء الحكومات السابقة نجد إن معظمهم كانوا شيوخا أو مرضى أو من غير ذوي اختصاص أو ليس لديهم المعرفة بعمل الوزارة التي يديروها أو إنهم غير مستقلين أو متهمين بالفساد أو الفشل ، واخطر ما في بعض الوزراء السابقين هو جمعهم بين الوظيفة التنفيذية والتخطيط الاستراتيجي ، مع العلم بان أغلب مواصفات الوظيفتين متناقضة ومن المستحيل أن يجتمعا في شخص واحد وان حدود الوظيفة التنفيذية هو في التخطيط قصير المدى ضمن المخطط الاستراتيجي الذي يتم وضعه من قبل متخصصين من داخل الوزارة أو من خارجها .

ثانيا : المنهج الإصلاحي للحكومة الجديدة

إذا بقت الحكومة محافظة على منهجها الإصلاحي الحالي ، فإنها سوف لن تحقق تقدما واضحا مهما غيرت من الوزراء ، والحكومة حاليا تعتمد منهج التطوير الإصلاحي الذي يقوم على أساس إجراء إصلاحات جزئية في المؤسسات والنظم بهدف معالجة الأخطاء فيها ، وعلى الرغم من انتشار استخدام هذا المنهج خصوصا في الدول المتقدمة ، لكنه غير مناسب لدولة مثل العراق باعتباره يعاني من السوء الكبير في أداء المؤسسات ونظمها ، وليس أمام العراق أفضل من استخدام منهج الإصلاح الموازي ووضع نظم ومؤسسات موازية تعمل على تحسين الوضع العام بمعزل عن النظام الحالي ، علما بان الدستور العراقي يتضمن تشجيعا لهذا المنهج الذي حقق نجاحات كبيرة في البلدان التي طبقته وفي مقدمتها الصين ، ويحتاج تطبيق هذا المنهج إلى إصدار قانون يتم من خلاله تخويل الوزراء أو مجلس الوزراء صلاحية وضع نظم خاصة تعمل وفق آلياتها استثناءا من القوانين النافذة ، وخلال سنوات قليلة ستحل نظم المنهج الموازي محل النظم التقليدية وسيتحول معظم العاملون في أجهزة الدولة والقطاع الخاص نحو العمل في المنهج الجديد .

ثالثا: طريقة اختيار الوزراء الجدد

أعلن الدكتور العبادي إن اختيار المسؤولين الجدد سوف يتم من خلال التقديم لموقع إلكتروني ثم يتم تقييم الأسماء من قبل لجنة خاصة ، وتبدو هذه الطريقة غير منطقية فالمعروف إن الذين لديهم إمكانات القيادة الإدارية التنفيذية العليا هم من أهم الأشخاص في العالم وهم ناجحون في حياتهم العملية وان مدخولاتهم المالية عالية جدا وأنهم من النادر أن يعملوا في وظائف حكومية ذات مدخولات اقل إلا من باب الواجب الوطني والانجاز الشخصي ، وهذا التوصيف ينطبق على جميع الدول ومن ضمنها العراق وليسوا بحاجة إلى التقديم عبر المواقع الالكترونية للحصول على مناصب حكومية محفوفة بالمخاطر وذات مدخولات اقل ، وهذا يعني إن اغلب المتقدمين لهذه الوظائف بهذه الطريقة سوف لن يكونوا قيادات تنفيذية حقيقية وقد يكون بعضهم واجهة للأحزاب السياسية أو لتحقيق ألمنفعة الشخصية أو للكسب غير المشروع أو ان لديهم أسباب أخرى .

إن الطريقة الوحيدة للحصول على قيادات تنفيذية صالحة ومحترفة ، هي أن تكون لدى الحكومة قاعدة بيانات عن القيادات الناجحة في أجهزة الدولة وخارجها ويتم التحرك على هذه القيادات وإقناعها بالعمل الحكومي من باب الواجب الوطني أو حزم الحوافز المرتبطة بتحقيق الفاعلية والكفاءة .

أما بالنسبة للازمة الاقتصادية فان حلها أبسط من التغيير الوزاري ، ولكن هذا الحل يحتاج إلى قرار شجاع وعدم الاكتراث للمستفيدين من بقاء الأزمة والحل يتضمن شقين ، أولهما توفير السيولة المحلية اللازمة لسد إحتياجات الدولة وهذا ممكن تحقيقه بسهولة من خلال تغيير سعر صرف الدولار بين وزارة المالية والبنك المركزي ، فتغيير سعر صرف الدولار إلى ثلاثة آلاف دينار مثلا سيؤدي إلى حصول الحكومة فورا على (١٢٠) تريليون دينار من خلال إعادة تقييم احتياطي البنك المركزي بالسعر الجديد ، وهذا الإجراء سوف يكون محصورا بين البنك والوزارة ، أما تأثيراته الإيجابية على المواطن والوضع المحلي فانه سيكون كبيرا حيث ستتوفر الأموال المحلية لتنفيذ المشاريع المتوقفة وتحسين الوضع ألمعاشي ودعم الإنتاج المحلي من صناعة وزراعة وسكن وتوفير فرص للعاطلين عن العمل بالملايين .

والشق الثاني من معالجة الأزمة ، يتعلق بضرورة إيقاف مزاد العملة الأجنبية بشكل مطلق واقتصار صرف العملة على تمويل الحكومة بسعر الشراء نفسه لأغراض توفير احتياجاتها واحتياجات المواطن الأساسية التي لا يمكن توفيرها محليا ، وهي بشكل عام لا تتجاوز ( ٢٠) مليار دولار سنويا قابلة للانخفاض ، وهذا يعني إن احتياطي البنك المركزي سوف يزداد سنويا بأكثر من عشرة مليارات دولار في ظل أسعار النفط الحالية ، وهذا سيؤدي إلى تحسين قيمة الدينار العراقي ، علما بان المواطن ( العادي ) سوف لن يتأثر بإيقاف ما يسمى مزاد العملة لان الدولة ستوفر احتياجاته الأساسية خصوصا الغذاء والدواء الذي لا يمكن إنتاجه محليا ، أما ما يمكن إنتاجه فسوف يتكفل القطاعين الحكومي والخاص العراقي بتوفيره وستكفل المنافسة المحلية تحسين النوعية خلال مدة معقولة خاصة إذا توفر الدعم الحكومي الحقيقي لمشاريع الإنتاج المحلي . أما بالنسبة للسلع الكمالية الغالية مثل السيارات والأجهزة الكهربائية فان ما هو موجود منها في العراق يكفي لسنوات طويلة وسوف يعاد نشاط تصليح المعدات والأجهزة ، وهو النشاط الذي كان يوفر فرص عمل بمئات آلاف ، وسيكون المتضرر الوحيد من إيقاف المزاد هم مهربو الدولار الذين سوف يجدون مشقة في توفير الدولار الرخيص لإخراجه خارج العراق وهذا الموضوع سيؤدي حتما إلى تشجيع الصادرات العراقية ، ومن المؤكد إن أي حل مقترح لا يتضمن الشقين السابقين سوف لن يؤدي إلى نتيجة إيجابية ، بل سوف يزيد الأزمة تفاقما .

وما دامت الاستضافة ستكون اليوم ، فهل سنشهد مناقشة حقيقية للموضوعين أم سنرى مناقشة تقليدية ؟ كان الله في عون العراقيين .

أحدث المقالات

أحدث المقالات