‘عراق صغير’ يلم شمل الطلاب النازحين في جامعة الحمدانية

‘عراق صغير’ يلم شمل الطلاب النازحين في جامعة الحمدانية

لم تستطع جامعة الحمدانية في الموصل إنجاز مهامها بشكل معتاد بعد سقوط ثاني أكبر مدن العراق في أيدي متشددي تنظيم الدولة الإسلامية في يونيو/حزيران 2014 فأغلقت أبوابها وانتقلت للعمل من مبنى جاهز مؤقت في أربيل بإقليم كردستان.
وكانت جامعة الحمدانية أُقيمت أساسا في عام 2011 لخدمة الطلاب المسيحيين في منطقة سهل نينوى على بعد نحو 32 كيلومترا جنوب شرقي الموصل.
وجاءت إقامتها الجديدة في أعقاب هجوم مزدوج على أربع حافلات تقل طلابا مسيحيين من الحمدانية في سهل نينوى إلى جامعة الموصل تسبب في مقتل شخص وإصابة نحو 100 آخرين بجراح.
وتخرجت أول مجموعة طلاب من جامعة الحمدانية في العام الدراسي 2013-2014 قبل تعليق الدراسة في العام الدراسي 2014-2015.
ويدرس حاليا بهذه الجامعة التي تعمل في مبنى جديد بمدينة أربيل طلاب نزحوا من مناطقهم بعد استيلاء تنظيم الدولة الإسلامية على مساحات شاسعة في شمال وغرب العراق عام 2014.
وقال مساعد رئيس جامعة الحمدانية للشؤون الإدارية أنس بهنام نعمو “بدون استثناء حقيقة الطلاب النازحين بشكل عام ليس فقط من جامعة الحمدانية وإنما أيضا من جامعة الموصل وباقي الجامعات العراقية وخاصة النازحة منها. عندنا طلاب من جامعة الأنبار.. عندنا من جامعة سامراء.. عندنا من جامعة تكريت ولو أعدادهم قليلة. لكن حقيقة”.
وأضاف “إحنا بنفتخر لكون جامعة نازحة ومُستحدثة أن تستضيف بحدود 400 أكثر من 400 طالب. أي ما يشكل تقريبا ثُلث عدد طلابنا اللي بالغ عددهم 1200”.
ووصف نعمو الجامعة بأنها بمثابة عراق صغير يدرس فيه طلاب من كل أطياف وديانات ومكونات البلاد ويعيشون معا.
وقال “طلابنا من جميع الأطياف والألوان ومنسجمين بشكل كبير جدا. هنالك المسيحيين. هنالك المسلمين. هنالك الإيزيديين. هنالك الأكراد. وحقيقة نفس الجامعة بشكل عام هو نفس عراقي ووطني حقيقة. وحتى المدرسين أيضا ولو عددهم قليل لكن أيضا من جميع أرجاء العراق ومن كل الطوائف والمكونات”.
ويدرس الطلاب حاليا في مبنى الجامعة -الجاهز المؤقت والمقام من طابقين بضاحية عنكاوا على مشارف أربيل- بكليتين فقط واحدة للتربية والأخرى لإدارة الأعمال والاقتصاد.
وأوضح نعمو أن فرار المسيحيين من قرى وبلدات منطقة سهل نينوى بعد الانتشار المباغت لمتشددي الدولة الإسلامية أضر بخطط الجامعة الطموح لإنشاء مزيد من الكليات وجذب المزيد من الطلاب.
وعلى الرغم من عدم وجود مقصف أو معمل للغات ومنشآت أخرى بالمقر المؤقت لجامعة الحمدانية فإن طلابها يقولون إن مجرد وجودها يعطيهم إحساسا بأن الحياة طبيعية في أوقات صعبة.
وقالت طالبة مسيحية من الموصل تدعى ساندرا عماد تدرس المرحلة الأولى بقسم اللغة الانكليزية بكلية التربية “كنا نتمنى أكو أمل يرجع العراق بس ما أعتقد. الكل خايف إنه يأتي داعش هنا ونتبهدل مرة ثانية. كم مرة تبهدلنا من الموصل للحمدانية ومن الحمدانية لأربيل.. بعد نتبهدل هنا أيضا”.
وأضاف طالب مسلم نازح من الموصل أيضا يدعى أحمد وكان يدرس في جامعة الموصل “هو وجود الجامعة يعطينا أمل إنه راح نكمل حياتنا وإن شاء الله نتخرج ونتعين والواحد يكمل حياته. إذا ماكو جامعة إيش نسوي؟ (ماذا نعمل؟) الواحد يقطع أمله بكل شي. فنحن الحمد لله ويا الكلية وهادي السنة الأولى نحن بالكلية. حاليا إحنا هنا طلبة من الأكراد ومن الشبك ومن العرب قاعدين بنفس القسم داخليا ببيت إيجار قريب من هنا”.
وتستهدف تنظيمات سُنية متشددة مثل القاعدة والدولة الإسلامية المسيحيين واليزيديين والشبك وغيرهم من الأقليات العراقية بالإضافة إلى الشيعة.
ويقدر عدد المسيحيين العراقيين بنحو 750 ألف نسمة يمثلون أقلية صغيرة في بلد يبلغ عدد سكانه 30 مليون نسمة.
ويسعى تنظيم الدولة الاسلامية الى بسط نفوذه في العراق بالقوة والاكراه والعنف الدموي، ويعتمد على سياسة الترهيب في المقام الاول تحت غطاء الدين.
ويتخبط التعليم في العراق في دوامة من المشاكل المستعصية.
وتذمر العديد من الاساتذة الجامعيين في مدينة الموصل العراقية من تدهور النظام التعليمي فيها ومشارفته على الانهيار في ظل قيام تنظيم الدولة الاسلامية بإجراء تغييرات جذرية شملت المناهج وطرق التدريس.
وقال المسؤول الإعلامي للحزب الديمقراطي الكردستاني في محافظة نينوى، سعيد مموزيني، إن “نسبة التغييرات التي أجراها التنظيم المتطرف في مجال التعليم في ثاني اكبر مدينة عراقية تكاد تصل إلى نسبة 100 بالمائة في المناهج وآليات التعليم وحتى المؤسسات التعليمية”.
وأضاف مموزيني “قام التنظيم الجهادي بتغيير دروس مثل الرياضة إلى التدريب العسكري، وأضاف مادة التربية الجهادية، وقام بحذف الكثير من المواد من المنهج الدراسي”.
وأضاف التنظيم مادة “التربية الجهادية” لمرحلتي الرابع والخامس الابتدائي لزرع أفكاره المتطرفة في عقول الطلبة منذ صغرهم.
وتنقسم الدورات التعليمية والتكوينية للأطفال المجندين في “الدولة الاسلامية” إلى دورتين “شرعية وعسكرية”، تعتمد الأولى على ترسيخ “عقيدة التنظيم وأفكاره” في عقولهم، والثانية تدريبهم على استعمال الأسلحة والرمي بالذخيرة الحية وخوض الاشتباكات والمعارك والاقتحامات.
ويسعى عناصر التنظيم إلى استمالة الأطفال والتودد لهم عن طريق إغرائهم بالمال وحمل السلاح وتعليمهم قيادة السيارات، ليقنعوهم بعد ذلك بالانتساب إلى معسكرات التنظيم.
ويتم استخدام الأطفال الواقعين في شباك التنظيم كمخبرين في جمع المعلومات وحراسة المقار.
وتؤكد منظمات حقوقية أن تجنيد الأطفال في إطار هذا التنظيم يتنافى مع المبادئ السمحة للأديان السماوية، ويعتبر جريمة في حق الإنسانية وانتهاكا جسيما لحق الأطفال.
واعتبر سعيد مموزيني أن “المدارس والمعاهد والجامعات في الموصل هي الآن أشبه بالمعسكرات ومراكز التدريب”.
وقام التنظيم بتغيير المناهج التدريسية بالكامل، كمادتي الجغرافيا والتاريخ وخصصهما لتاريخ “الدولة الاسلامية”.
ومنع التنظيم المتشدد الطالبات من التقدم للدراسة في بعض الاختصاصات الادبية.
وقال الناشط ذنون محسن البجاري، أن التنظيم المسلح “حصر التسجيل في مجموعة الزراعة والثروة الحيوانية والعلوم للذكور فقط، والتي تشمل أقسام المحاصيل الحقلية، البستنة والغابات، الثروة الحيوانية، الطب البيطري”.
وأشار البجاري أن “التنظيم سمح للإناث بالتسجيل في المجموعة الطبية بمختلف اختصاصاتها، لكنه منعهن من التسجيل في مجموعة العلوم الإنسانية”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة