* بسبب الصعلكة فقدت هدايا لاتقدر بثمن من ادباء كبار وإليكم هذه الحكاية :كنت في حديقة الأدباء وثمة سكر شفيف يلوح على تصرفاتي ، وإذا بالشاعر الكبير حسب الشيخ جعفر يومىء بيده حتى اقترب منه ، ثم طلب مني الجلوس ، كان يجلس بمفرده كالعادة منتظرا قدوم الصعلوك سلمان السعدي صديقه المقرّب بذلك الوقت ، دعاني أشرب كأس جعة ثم استل كتابا من حقيبة متواضعة الى جنبه .. كتب على ورقته الأولى وأعطاني الكتاب ، كان ديوانه ” كران البور ” الذي لم أستسغ شعره مطلقا ، ولما تركت المائدة عائدا الى الحبيب كزار حنتوش ، اخذ الكتاب مني وقرأ الإهداء .. الى الشاعر الفنان حسن النوّاب مع توقيع حسب ، استشاط كزار وشرب كأسه دفعة واحدة ثم سألني : ولك تعرف شنو يعني شاعر كبير مثل حسب يكتب اليك الشاعر الفنان .. أجبته : نعم .. سكرت بفرح تلك الليلة ولما أفقت صباحا بحديقة الأدباء لم اعثر على الكتاب ؟
* أعترف ان أوّل لقاء حدث مع الشاعر الكبير سامي مهدي .. صدمني بنشوة ‼ اذا قال مرحّبا بي عندما دخلت مكتبه وكان رئيسا لتحرير جريدة الثورة :
– اهلاً بالشيخ ؟!
كانت هناك فكرة مريبة برأسي زجّها بذهني بعض الأصدقاء الذين قابلوه من قبل ، إذ قالوا انه صعب المراس وتشعر بجفاف مزاجه من أول لحظة ، لكني رأيت غير ذلك تماما ، بالطبع فكرة الأصدقاء جعلتني اكثر حساسية بالتعامل معه ، وأنا صعلوك خطير الحساسية جدا ، تركت صمتا يسود اللقاء للحظات ، ربما كان سببه إرتباكي ، فبادر قائلا ً :
– مجلة عربية نشرت نصوصنا معا .
بالواقع انا جئت لهذا السبب حتى أستلم مكافأتي عن قصيدة ” قصر الخورنق ” التي نشرتها المجلة مع قصيدة لا أتذكرها الى الحبيب كزار حنتوش بملف ضمّ شعراء عراقيين كبار ، كنت انا اصغرهم عمرا وأقلّهم إبداعا .. تبسم سامي مهدي ، وعندما يبتسم تظهر قواطع اسنانه ، ثم سحب ” مجّرا ” في مكتبه ، وأطلق زفرة :
– الآن إسترحت .. إنها أمانة
لم افهم تعليقه .. ونهض من خلف مكتبه ووضع بيدي نقودا بالدولار .. كانت مكافأتي مع كزار حنتوش .. بحصار يذبح الطير عندما يحاول التقاط قطرة ماء من نهر ..لم أعرف كم كان المبلغ ..؟ لكني فكّرت بطريقة شريرة فورا ، ان المبلغ سأخذه لوحدي فقد كنت متزوجا مبكرا وبحاجة الى نقود تثبت كدّي المثمر امام زوجتي العروس ، انتظرت من سامي مهدي تحذيرا حتى أصل بالمكافأة لكزار حنتوش ، لكنه عاد وجلس على كرسيه خلف مكتبه مطمئنا ، شعرت انه يريد ان يطول اللقاء معي ، لكن الدولارات التي إستقرت بجيبي ذبحت رغبتي بمواصلة اللقاء معه .. قفزت هاربا من مكتبه ، وعندما اصبحت بغرفة السكرتيرة فوجئت بكزار حنتوش يجلس على أريكه .. صرخ بوجه السكرتيرة الطيبة محتجا :
– هل هذا ضيف ؟؟ حتى انتظر رؤية سامي مهدي ..
نظرتُ اليه وقلت يائسا ً:
– متى اسرقك ياكزار ؟ رحمه للحسين
وخرجنا معا ، نسكر بمكافأة كانت مئة دولار لكلينا من قصديتين كتبناها من دم قلبينا .
* ايام مهرجان المربد كان الصديق الحبيب حميد سعيد يفضّل السهر بغرفتنا التي تجمعني مع الحبيب كزار حنتوش ، خلال السهرة أهداني كتابه ” فوضى بغير أوانها ” مع إهداء كتب فيه : صديقي الشاعر حسن النوّاب الذي يدهشني صدقه وشعره .. سكرت وعند الصباح إختفى الكتاب ؟ سرقه احد الحاسدين وما أكثرهم ، في ليلة ثانية لما بدأنا نشرب وكان معنا الحبيب عقيل علي ، بعد ان إنتعشت تجرأت وأخبرت أبا بادية ان الكتاب فقدته ، وأريد نسخة أخرى منه ، شعرت بزعل حميد المرير ، كان زعله قد بخّر الخمرة من رأسه ، ولولا كزار لغادر الجلسة ، ثم عادت الأمور طبيعية بعد نصف ساعة ، فجأة إستل حميد سعيد نسخة من كتابه كانت مخبوءة تحت قميصه .. وكتب على ورقة اولى منه : الى عقيل علي .. أقسم بالشعر .. انت شاعر .. تلقف عقيل علي الكتاب وقرأ الإهداء ، تلك الليلة ظل عقيل بين برهة وأخرى يصرخ بنا قائلا : إسمعوا ولكم .. الى عقيل علي .. أقسم بالشعر .. انك شاعر .. كانت ليلة عقيل علي بإمتياز .
[email protected]