تُقَسَّم مباريات كرة القدم وهي اللعبة الأكثر شعبية في العالم إلى شوطين ، كل شوط 45 دقيقة وبين الشوطين إستراحة وبعد الشوطين تمدد اللعبة إلى شوطين إضافيين آخرين إذا تعادل الفريقان في لعبة حاسمة وإذا إنتهى الشوطان بالتعادل تُحسم المباراة بالضربات الترجيحية ( الجزاء ) حتى تُحسم المباراة لأحد الفريقين .. وما يجري خلال مدة المباراة رُغم الأشواط والتمديدات والضربات الترجيحية لايقاس بما يجري قبل المباراة من إستعدادات وتحضيرات وتمارين للاعبي الفريقين تستمر لأيام ومايرافقها من تصريحات ومؤتمرات صحفية ودعم ورعاية لهذا اللعب أو ذاك .. كل هذا العناء لغرض الوصول إلى الفوز في مباراة واحدة قد تكون ضمن مئات المباريات في موسم واحد تهدف لكسب الفوز وإحراز البطولة .. والعرب لم يحرزوا بطولة كأس العالم بكرة القدم مثلاً ( على سبيل المثال ) على الرغم من مشاركاتهم المتعددة منذ ثلاثينيات القرن الماضي .. ولن يحرزوا هذه البطولة حتى يوم القيامة ! العرب ليست لديهم قُدرة على الإستبدال أو الإعتراف أو الخضوع الإيجابي أو الإنسحاب المناسب .. عكس ما أكده الكثير من علماء الإجتماع والفلسفة والمنطق العرب الّذين أعتبرهم أول المرضى بهذا الداء أخطأوا في تقييم العقل العربي .. فالعربي يعتقدُ دائماً أنه صحيح وأنه وحده لديه القدرة على تحمل القيادة .. والعرب بصورة عامة لايحب بعضهم بعضاً .. إلا إذا كانت بينهما مصلحة مشتركة فيتحول أحد الطرفين إلى قطعة من الحنان والعواطف والحب كي ينال رضى الآخر وإن لم تكن بينهما أي صلات قرابة أو صداقة فالمهم أنتفع منك وتنتفع مني .. وما يتحدث به معظمنا عن الوفاء والإيثار والتضحية ليس صحيحاً فنحنُ لا نمدُ يدَ العون لأقربِ المقربين لنا إلا بعد تأكدنا من حصولنا على فوائد حتى وإن كانت مؤجلة .. أما الدين والتقوى فلانعرفها إلا في لساننا فقط .. مامعنى أن نُصلي ونحنُ نضطهد الآخرين ..ما يجري من أحداث في هذه المباراة العجيبة لم نتمكن من تحديد بدايته كي نرسم صورة للنهاية وهذه المباراة المفترسة كشفت عن حقائق داخل صفوف العراقيين لم تكن معروفة من قبل .. فهذا الجهل بالتعامل مع الحدث بموضوعية وشفافية وتجاوز منطقي يضعنا أمام صورة أخرى للمباراة التي تجري في العراق ! نحنُ أهل الرُمادي إذاً .. فريق آخر يلعبُ مع فريق إسمه هذه الحكومة وأنظمتها ومؤسساتها ووزارتها وإداراتها وقياداتها .. ما معنى وقوف مئات الجنود والضباط والشرطة والميليشيات على قطعة حديد عبرَ من فوقها مئات الآلاف من أهل الرُمادي .. كي يتصدوا ويمنعوا عبور الموجة الجديدة من النازحين ؟! من أعطى لهؤلاء الأوامر لو لم يكن ( مدرِباً ) لفريق خاسر مسبقاً .. أقول هذا لأنَّ المباراة لم تبدأ بعد فمازلنا في ( الإحماء ) .. وليتعامل الطائفيون والمندسون بفروسية ويفتحوا الطريق أمام النازحين لأنهم تركوا خنادق الموت والنار متوجهين إلى أرض ٍ تأويهم .. هؤلاء أيها السادة القابعون في بغداد لاشأن لهم بالأمر فإعتبروهم جمهور المشجعين لهم الحق بالدخول والخروج أنى شاءوا .. أما نحنُ وأنتم فالساحة وحدها ستنهي المباراة بيننا !