الحياة البشرية مليئة بالأحداث والتحولات والمفاجئات والتقلبات ، ولكل تاريخ من تواريخ هذه الحياة أحداثه ووقائعه ، ولكل عصر رجاله وصناع أحداثه ، ونحن كشعب تركماني لنا عراقتنا في جذور هذه الحياة ولنا رجالنا وصناع أحداث تاريخنا المجيد ، وهناك أبطالنا الذين عملوا لقضيتنا ومصير شعبنا ، إنها القضية التي ينبغي أن لا نمل طرحها ولا نسأم تكرارها حتى تتجذر في القلوب وتتشبع بها النفوس، وتصبح حية في مدارك الناس حاضرة في واقعهم. إنها قضية العمل الجاد للدفاع عن حقوق التركمان في العراق ، وأنها قضية كل عراقي غيور على عراقيته قبل أن تكون قضية كل تركماني يعيش على أرض وادي الرافدين . إنها قضية استنفار الطاقات المعطلة لتقدم لشعبها يوم نفرت كل عراقي إلى اثبات نفسه ووجوده. إنها قضية إحياء الإيجابية في نفوس التركمان بعد أن عشعشت السلبية على مواقع كثير من هذا الشعب ، فحملوا قضيتهم بضعف وهوان وكان مفروضا علينا بأن نأخذها بقوة. إنها قضية تحريك الدماء في هذا الجسد العراقي الضخم، وإنها قضية جرد الحسابات لجهود الشباب أشرقت بهم سماء العراق بعد أن تكدرت سمائها بالقترة، فإذا بهم يتدفقون دفعات زاخة إلى ساحات القضايا العراقية. ثم نبحث عن جهودهم فإذا جهودهم لا يتناسب مع عددهم. ، وعطائهم لا يتناسب مع هذا الجموع وقوة زخمها. إنها قضية رفع مستوى العامة للإحساس بأننا في أزمة وهي أزمة ضعف المبادئ وعدم ثباتها. نطالب كل عراقي غيور بأن يهيأ نفسه لخدمة هذه القضية ، فالكل مطلوب للعمل المفروض فرض عين على كل عراقي دون سواء.
هذه قضية كانت واضحة محسومة في العراق الماضي، في أيام الأجداد حيث لا نفاق ولا كذب وكانت الرجولة تقاس بالكلمة وفي القول والفعل والقوة ، وكان الناس لبعضها يدا بيد وقلبا بقلب لا فرق بين عربي وتركماني وكردي ولا بين أي فرد عراقي الا بإنتمائهم لتراب العراق .. الوطن الأم .. يتنعمون بحضنها الدافئ ويتقاسمون الثروات والخيرات و يتعارفون فيما بينهم لا يعرفون الطائفية والقومية ولم يكن في قواميسهم لغة المذهبية والعرقية . فان مسألة التركمان مسألة عراقية عامة ومسألة تركمانية خاصة.. تضرب حول هذه المسألة سياجا شائكا من الحرب الإعلامية، والحرب الإعلامية تكتيك يمارس ضد التركمان من القديم وإلى اليوم. ونحن اليوم نرى نماذج للحرب الإعلامية القذرة الدنسة في الصحافة ضد هذه المسألة التي تدعو إلى فصل التركمان من جسد العراق .هذا النوع من المواجهة كانت تسلكه البرابرة قبلا، فليس غريبا على أحفادهم من بعض الأحزاب العنصرية اليوم.
العمل للقضية التركمانية ليس مؤقت بوقت ولا محددا بزمان ولا مكان وإنما هو مسألة الوطن كلها. فإذا كان الانتماء لهذا المكون الرئيسي يستلزم العمل له، فالعمل للقضية وظيفة العمر لأن الشعب التركماني سوف يعمل من أجل قضيتهم باستمرار حتى في آخر لحظات العمر. تبقى مسألة التركمان والعمل لقضيتها حية في نفوس كل التركمان لا تموت حتى ارجاع حقوقهم من أيدي المغتصبين العنصريين النازحين الجدد.
إذن العمل للمسألة التركمانية ليس وقفا على فئة معينة من الشعب ، العمل للمسألة مسؤولية جميع العراقيين من التركمان وغيرهم، العمل للمسألة مسؤولة الهيئات والمنظمات الجماهيرية والشعبية كاملة . فكل عراقي بانتمائه للوطن عامل لهذه المسألة وله كلمة في مصيرها، مهما كان عليه، ومهما كان فيه من التسويف في العمل فهو أفضل من الضياع اذا رضينا بالقعود عن العمل لهذه القضية. فهل نفقه نحن بكل أخطائنا وعيوبنا ونقائصنا أن كل ذلك لا يؤهل لأن ندع العمل لهذه المسألة الوطنية ، بل ينبغي أن يخز قلوبنا بأن علينا أن لا نضيف خطأ آخر وتقصيرا آخر وهو ترك العمل للقضية.
إن العمل للقضية التركمانية ينبغي أن يبقى ظاهرا في حياتنا تراه في كل شاب يعد نفسه للدفاع عن قضيته أو يبلغ كلمته في المحافل السياسية والإعلامية المحلية منها والدولية .وتراه هنا وهنا وهناك يعمل بجد وباخلاص حتى ينعم هو وأبنائه وأحفاده بنعيم وخيرات أرض العراق الموحد .
إن العمل للقضية أمر لا نستخفي به ولا نتستر عليه، بل ينبغي أن تبقى ساحتنا ساحة فوارة بالعمل الضخم للدفاع عن التركمان وقضيتهم المشروعة ووحدة أرض العراق وثرواتها تراه في برنامج كل مواطن يحب وطنه. بعد كل هذه المسيرةِ الحافلةِ في سياسة الحوار والصبر والتأني، وبعد أن أعذر إلى كل الأطراف والكتل السياسية العراقية والدولية، بأنه قد بلغها مسألة التركمان ، واذا تخاذل أغلبهم أو جلهم من بعد ذلك كله، فان هناك ماردا تركمانيا اذا نهض لا يعرف الرقود الا بارجاع تلك الحقوق من أيدي العنصريين الغاصبين والمتحالفين معهم والمساندين لهم ، ويعيد أمجاد أحفاده ثانية في ملحمة جديدة من ملاحم أغوز الخالدة ، ويلقن طالبي تقسيم العراق دروسا قاسية تهز عروشهم وتزلزل نفوسهم وتبعثر صفهم وتكشف أوراقهم وتنقذ شعبهم من طغيانهم . إنها حياة عاملة لقضية لا تعرف هدنة في المواجهة مع كل من يتجرأ في التقرب لحقوق التركمان في العراق.