من بين أهم المبادئ التي ارتكز عليها الدستور العراقي الدائم لسنة 2005 هو مبدأ الفصل بين السلطات حيث تقوم كل سلطة من السلطات التي أوجدها الدستور بمهامها ومسؤولياتها وفقا للدستور والتشريعات النافذة فتقوم السلطة التشريعية بواجبها في التشريع والرقابة وتقوم السلطة التنفيذية في تنفيذ القانون وإدارة الدولة بصورة عامة وتقوم السلطة القضائية بتطبيق القانون والرقابة على دستورية كل القوانين لحفظ الدستور من خرق أسسه ومبادئه . ومن هنا جاءت الأهمية الكبيرة والخطيرة لاستقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية واكبر مهمة من وجهة نظري واجهت السلطة القضائية منذ سقوط الدكتاتورية البعثية إلى يومنا هذا هو حفظ القضاء من السياسة والسياسيين والإبقاء على القضاء مهنيا قانونيا مستقلا وان هذا الاستقلال كان يواجه صعوبات من أهمها الدستور نفسه حيث ينص في طياته على كثير من المواد التي تجعل من عمل السلطة القضائية خاضعا لإرادة مجلس النواب من جهة والحكومة من جهة أخرى وكمثال واضح وجوهري على هذه المواد الدستورية نص المادة 61/خامسا/ا من الدستور والتي نصت على اختصاص مجلس النواب بالموافقة على تعيين كل من رئيس وأعضاء محكمة التمييز الاتحادية ورئيس الادعاء العام ورئيس هيئة الإشراف القضائي بالأغلبية المطلقة بناءا على اقتراح من مجلس القضاء الأعلى . وبالتالي فان اشتراط هذه الموافقة من مجلس النواب الذي يضم أحزابا وكتل سياسية هو تدخل خارق لمبدأ الفصل بين السلطات ولا يعالج إلا بتعديل دستوري والتعديل الدستوري من المسائل الصعبة والمعقدة في الدساتير الجامدة والدائمة كدستور 2005 ولكن مما نشيد به كمهتمين بالشأن القضائي والقانوني العام في العراق بحكم اختصاصنا وعملنا كمحامين وفي تماس مباشر مع عمل السلطة القضائية عدم خضوع السلطة القضائية إلى المحاصصة السياسية اللادستورية وفرضت إرادتها في تقديم القاضي فائق زيدان كمرشحا لرئاسة واحدة من أهم المحاكم في العراق إلا وهي محكمة التمييز الاتحادية باعتبارها مرجعا للطعن في كثير من أنواع الأحكام والقرارات القضائية ومما لفت نظري حقيقة كلمة القاضي فائق زيدان بعد التصويت علية بالأغلبية المطلقة لمجلس النواب والتي نشرت على موقع المركز الإعلامي للسلطة القضائية والتي تضمنت شكر إلى مجلس النواب بالموافقة عليه ولكن بنفس الوقت أعطى إشارة مهمة جدا ونحن نفهمها كمختصين في المجال القانوني قال ( سأسعى جاهدا لتعزيز استقلال القضاء )
وهذه من وجهة نظري رسالة ضمنية وشجاعة إلى مجلس النواب وهي (إنكم وبالرغم من الموافقة على تسنمي لرئاسة محكمة التمييز ولكن ذلك لا يعني انحيازي لكم أو تأثري بهذه الموافقة مما يؤثر على استقلال القضاء بل إن ذلك مدعاة للتمسك باستقلال القضاء وسوف اعمل على هذا الاستقلال جهد الإمكان ) هذه هي الرسالة التي فهمناها والتي وصلت إلى كل من يمتلك فطنة في تفسير هذا الشكر لذلك وأقولها وانا كلي أمل في رفعة القضاء وسموه وتعاليه على كل الأسباب التي من شأنها المحاولة في تسييس القضاء مبروك لسيادة القاضي فائق زيدان واسأل الله سبحانه وتعالى إن يسانده في هذه المسؤولية الكبيرة وان يحافظ ويعزز هيبة واستقلال القضاء العراقي .