لا يختلف اثنان على الدور الكبير للمرجعية الدينية في المشهد السياسي منذ تأسيسه بعد عام 2003 اذ سعت المرجعية الى دعم الواقع العراقي الجديد ودفعه الى الامام بما تؤمن به من رؤية انطلاقا من قاعدة ” ولاية الفقيه الخاصة ” وليس ” ولاية الفقيه العامة ” كما في الجمهورية الإسلامية في ايران الامر الذي دفعها لتقديم التوجيهات من موقع النصح والإرشاد الاختياري لا من موقع الطاعة والالتزام الوجوبي الامر الذي استثمرته بعض القوى السياسية للمناورة والالتفاف والتلاعب أحيانا وتضليل الناس بشعارات الدين وتوجيهات المرجعية لتحقيق أهدافها السياسية ورغم ذلك واصلت المرجعية الدينية نصحها وتوجيهها للناس في العناوين العامة تاركة لهم حرية الاختيار في التفاصيل والخطوط العريضة لكن الانحسار الهائل للوعي السياسي عند الناس دفعهم للتخبط فيخياراتهم ومواقفهم كما ساهم التمويه والتسطيح للمشهد من قبل بعض القوى السياسية كوسيلة مباشرة لإدامة وجودهاواستمرار حضورها في الساحة السياسية ساهم في ادامة هذا الارباك ودفع الناس للحضور في الساحة أيام الانتخابات بصورة عاطفية منفعلة لا بصورة واعية تفاعلية في ظل اغفال الناس لتأثير سياسة الاحتلال الأميركي التي كانت تساهم بصورة مباشرة او غير مباشرة في رسم صورة ذلك المشهد القاتم.أغلقت المرجعية أبوابها بوجه المسؤولين العراقيين لأعوام عديدة بعد جملة ملاحظات وانتقادات للأداء الحكومي الذي لم ينجح في الكثير من الملفات ابرزها الامن والخدمات ومكافحة الفساد.شكلت انتخابات عام 2014 مرحلة مفصلية ليس في حياة المشهد العراقي فحسب وانما في مجمل المشهد الإقليمي وتسللت القوى الدولية بعدها مباشرة من خلال تنظيم داعش الاجرامي للتموضع في الداخل العراقي ومحاولة إعادة انتاج الواقع السياسي تحت الضغط والابتزاز بورقة تنظيم داعش ليتصاعد الشد والجذب بين القوى العراقية بين رافض لولاية ثالثة للسيد المالكي ومؤيد لتشبثه بها الامر الذي تواصل لأشهر عدة تصاعد إثره السجال وتعاظم ليتم طرق باب المرجعية الدينية في النجف الاشرف لإيجاد حلول للازمة المتعاظمة ومخرج يمكن ان يقلل الخسائر ويحقق حالة من الاجماع الوطني تتجاوز حالة الانسداد السياسي وتفتح قناة معبدة في طريق المسار السياسي المسدود ظاهرا بدعوى الولاية الثالثة للسيد المالكي المتمسك بها محتجا بكونه الفائزالأول وان كتلته هي الكتلة الأكبر التي تكلف بترشيح رئيس الوزراء ليتم تسميته من قبل رئيس الجمهورية بحسب الدستور العراقي وبعد الرفض المتصاعد لخصومه في ” التخالف ” الوطني فضلا عن القوى السنية والكردية.لجأت قيادة حزب الدعوة الى المرجعية الدينية في النجف الاشرف ووجهت اليها رسالة خطية جاء فيها: ” نحن نتطلع الى توجيهاتكم وارشاداتكم ونعاهدكم اننا رهن أمركم بكل صدق في كل المسائل المطروحة وفي كل المواقع والمناصب لإدراكنا بعمق نظرتكم ومنطلقين من فهمنا للمسؤولية الشرعية”.