كنا صغارا في مجتمع فقير، وفي مناطق مكتظة من مدينة الثورة ، وفي قطاع 55، حسنتنا الوحيدة اننا في نهاية الثورة باتجاه العبيدي، وكانت سكك الحديد وقطار الثورة والمناطق الزراعية، هي نزهتنا الوحيدة، المزارع والمناطق الخالية كانت مناطق التقاء العشاق ذوي الرغبة الجامحة، من الذين لايكتفون بقبلة من حبيباتهم، بل يتعدى الامر الى الكثير الكثير، وكنا نعد على هؤلاء العشاق انفاسهم ونتتبع خطواتهم، وفي يوم من الايام رأينا (سيد محمد ابن الكصاب)، وكأنه على موعد، فرصدناه، واذا به يصطحب فطومة خلف سكة الحديد الى المزارع، وبعد مضايقاتنا العديدة له ، استعجل وترك المكان هو وفطومة، فعثرنا على ملابس فطومة الداخلية، رفعناها على قصبة طويلة واخذنا نجوب الازقة الضيقة والشوارع، ونحن نصرخ باعلى صوتنا: ( هذا الباس فطّومهْ)، فكانت فضيحة كبيرة وصلت الى عنان السماء، وانا لا استبعد ان يعثر الشعب العراقي على ملابس فلان الداخلية مثلا، او ملابس فلان، اي واحد من السياسيين او الوزراء.
عندها ستكون الفضيحة كبيرة، طيب وسرقاتهم اليست مخلة بالشرف، فيديو جنسي لوزير او اعلامي يطيح به بسرعة، لكن مليارات الدولارات المسروقة لاتطيح بهذا السياسي او ذاك الوزير، مازلنا امة متخلفة جدا، نتصور ان الشرف يتعلق فقط في الاعضاء الجنسية او بما يسترها، ترددت كثيرا في كتابة هذه الحكاية، خوفا من ان لاتنشر حياء، وخوفا على سمعة فطومة التي ربما صارت بمركز مرموق، او حتى خوفا على سيد محمد، ولكني اقتنعت اخيرا ان الشرف اكبر من ممارسة لم تدم في حالة فطومة سوى دقائق قليلة، وكذلك في حالة اي وزير او مسؤول، وهو بالتالي يستمتع ولايؤثر على الآخرين، لكنه حين يسرق او يغش او يزيف فقد اضر بالوطن بكامله ولم تعد فطومة هي المعنية بالامر بمفردها.
مئات المليارات مسروقة من قبل عشرات السياسيين، ويخرجون من على الفضائيات بلا خجل، ويتكلمون بالشرف والنزاهة، والاختبار سهل جدا، كم كنت تملك حين اتيت الى المنصب وماذا تملك الان؟، هذا السؤال بمفرده سيكشف لنا حجم اللص لنفضحه كما فضحنا فطومة، ولكن المشكلة من يسأل هذا السؤال؟، جميع الذمم مشكوك فيها، ولذا لايمكن ان يسأل لص لصا آخر من اين لك هذا؟، فيجيب الآخر: ومن اين لك هذا؟، ولذا بقي هذا السؤال مخفيا في الصدور ينادي به الفقراء والمساكين والذين اتهمتهم هذه الدولة الفاسدة بنزاهتهم فاخرجتهم خارج اللعبة، فمضوا الى دول اخرى يعيشون في حسراتهم ولايمتلكون شيئا، صك نزاهتهم بايديهم، ولكنهم متهمون من قبل اللصوص وسراق المال العام، واقصد بصك النزاهة بانهم لايمتلكون اموالا او عقارات او حتى حسابات مصرفية.
وانا ادور مع الصبيان بالقصبة الكبيرة التي تحمل عار فطومة، لم اع انه سيأتي يوم يكون هذا العار بسيطا امام عار السياسيين العراقيين، الذين سيختمون حياتهم بسوء العاقبة والمنقلب، صدعوا رؤوسنا باصوات اذاعاتهم من خارج العراق ايام صدام، وكانت المبادىء لاتسقط عن السنهم، لكنهم فشلوا بمقاومة اول دولار يجود به بريمر عليهم ويوزع العراق اقطاعيات لهذا وذاك، لقد تزوجت فطومة ومسح عارها بعد تلك الحادثة، فمن ذا الذي سيمسح عاركم على مر العصور، وستكون سرقاتكم ماثلة امام التاريخ فيقول: هؤلاء من باعوا بلادهم باموال زائفة وخلفوها بعدهم ورحلوا.