كلما ذكر امامي الحشد الشعبي ، اتذكر المقاومة الشعبية ثم الحرس القومي وبعدها الجيش الشعبي .. هذه المنظمات الفئوية التي تسمى دائما بأسم الشعب ، تثير استحسان البعض واستهجان البعض الاخر . ولا زال الناس مختلفين حول هذه التشكيلات الشعبية شبه الحكومية لحد يومنا هذا ، وخصوصا عندما يطرح موضوع مشاركة او عدم مشاركة الحشد الشعبي في معركة تحرير الموصل القادمة . وهنا اتذكر ايضا حادثة قطار السلام عام 1959 الذي توجه في بداية اذار الى مدينة الموصل بدلا من الحلة وذلك لتنظيم مهرجان السلام او انصار السلام هناك . وكان نتيجة ذلك ان اشتبك الغوغاء من كلا الجانبين المتصارعين انذاك في الموصل بمعارك شرسة تم على اثرها اعلان حالة منع التجول ثم الحركة الانقلابية لعبد الوهاب الشواف التي قمعت سريعا بواسطة القوة الجوية العراقية . ثم سالت دماءا كثيرة بعدها في الموصل وكركوك ثم في بغداد .هذا موجز لاحداث ربما لا يعلمها الجيل الجديد . وان ما يثير اهتمامنا هو العنف الذي يصاحب هذه النشاطات السياسية دائما . وعلى ما اعتقد فأن التعصب والتطرف هو الذي يدفع الناس الى العنف .ففي وقتها لم يكن هناك اي تنظيم شيعي او سني ، وكان الخلاف بين القوميين والشيوعيين . وهو صراع على السلطة كما هو معروف جيدا ، وهو كثير الشبه بالصراعات القائمة الان ومن اجل السلطة ايضا . . السلطة التي ستضيع من يد الاحزاب الدينية الحالية ، والسلطة التي تطمح اليها كثير من فئات وطبقات المجتمع . لكون العراق قد اصبح الرجل المريض مثل ما كانت السلطنة العثمانية في اواخر ايامها . ان تنظيم الدولة او ما يسمى بداعش قد نشأ او اونشئ نتيجة الخلافات القائمة داخل العملية السياسية وخارجها فتم استغلال الثغرات الكثيرة ، مثل غموض الدستور وجهل الطبقة الحاكمة وانسحاب الامريكان بعد تهديم مقومات الدولة ، والاحزاب الدينية المتسلطة التي لم ولن تستطيع بناء اية دولة ، والفساد المستشري نتيجة فساد الذمم .ان من يعتقد بان المشاكل ستنتهي بنهاية داعش ، فهو واهم جدا. حيث اننا سنقع في مآزق كثيرة بعد تحرير الموصل ، او تحرير العراق من داعش . سواء اشترك الحشد الشعبي ام لم يشترك . واذا لم يتم تنظيم عملية سياسية جديدة في العراق وفق الاسس الحضارية في بناء الدولة فأن الصراع سيظل مستمرا بطريقة الحرب الاهلية او نتيجة انقلاب شبيه بانقلاب ٨-;—;– شباط ،1963 . او اننا سنواجه خطر التقسيم الذي هو الاخر لن يحل المشكلة لكون التوزيعات الديموغرافية لمناطقنا العراقية متداخلة ولا يمكن الفصل بينها . فأين العقلاء الذين يتعضون من تجارب تاريخنا المعاصر الاليم . ويقيمون الدولة العادلة لكل الشعب . ولهذا فأننا ندعو كل العراقيين الخيرين للانضواء تحت راية تنظيم اوتجمع وطني جديد ، عابر للطائفية والعنصرية والتطرف. يقوم على اساس المواطنة والحرية المشروطة باحترام حرية الاخرين ، والعلمانية التي تحترم عقائد الناس ، والديمقراطية المبنية على دولة المؤسسات . وبقيادة وطنية من نخب المجتمع وليس من الرعاع كما هو حال احزاب وتجمعات السلطة الحاكمة الحالية . ومن الممكن المبادرة بتشكيل مثل هذا التنظيم عن طريق بيان الى ابناء الشعب كافة ، موقع من اشخاص محترمين مشهود لهم بالاخلاص والوطنية . يوضح فيه المبادئ الاساسية للتنظيم ويطرح مشروعا متكاملا للخلاص الوطني . . . ان الواجب يدفعنا جميعا للخروج من هذا النفق المظلم ، وان نبادر الى عمل مجد ولا نبقى نبكي وننوح على اطلال وطن ينسل من بين ايدينا .فهل من مجيب .