18 نوفمبر، 2024 3:45 ص
Search
Close this search box.

إلى رئيس إقليم كردستان

إلى رئيس إقليم كردستان

التقيت بالسيد مسعود البارزاني مرتين .المرة الاولى عام 1959 حين كان رحاب النضال الديمقراطي يجوب كشلالِ مطرٍ  في آفاق الوطن العراقي ، كله،  بعد ثورة 14 تموز حين دعاني والده  المناضل العائد من الغربة السيد مصطفى البارزاني الى اللقاء به مع والدي  في داره بالصالحية ببغداد . كان مسعود طفلاً يافعا يرتدي  بدلة جميلة وربطة عنق بلونٍ زاهٍ.  المرة الثانية كانت عام 2011 في أثناء  كان مسعود البارزاني رئيسا لإقليم كردستان  وهو يرتدي بدلة فولكلورية كردية ، بعد أن  اصبح اسمه يترامى ،يومياً،   في  رحاب الصحافة العالمية     بعد انزياح الظلام الوحشي الدكتاتوري من سماء العراق.

خضتُ، في اللقاء الثاني بالرئيس مسعود ، غمار الكلام المباشر عن الديمقراطية في العراق وعن مستقبلها ،خلال  حديث موجز  فحسب ، بعد حديث من سبقني من رجال اصدقاء مخلصين للشعب الكردي مثل الراحل هاني فحص والمناضل  كاظم حبيب.     كان ملخّص قولي  أن في سماء العراق عتمة لا تضيء فيها غير (ثريا الديمقراطية)  وعلى جميع الديمقراطيين الانضواء تحتها كي تشع على الارض العراقية مصابيح  الديمقراطية الحقيقية.

لكن  الديمقراطيين الكرد لم يتحالفوا مع الديمقراطيين العرب بعد عام 2003، بل تحالفوا باندفاعٍ مع  سياسة وقيادة احزاب الاسلام السياسي   . كانت نتائج هذا التحالف  سلبية على العراق بأجمعه جعلت الشارع  الكردي مثل الشارع العربي  يضج بالموتى والفساد  وبحطام السيارات المفخخة ومشاهدة  ركام الكثير من مؤسسات البنية التحتية يتهاوى الى جانب اشلاء الضحايا.

لم يدرك الديمقراطيون الكرد حقيقة أن اكثر شخصيات الاسلام السياسي مخلوقات جاءت الى سلطة الحكم بدافع الركض وراء الثراء السريع في زمان القفزات الهائلة نتيجة ارتفاع هائل وسريع في اسعار النفط.  تجردت اكثرية الطبقة الحاكمة الجديدة من صفات الانسانية الحقة وراحت تمارس عمليات نهب المال العام وثروات الوطن والمواطنين  بممارسة كل نوع من انواع الفساد المالي والاداري  حتى غدا العراق يحتل المرتبة الثالثة في عالم الفساد. صارت حال احزاب الاسلام السياسي في بلادنا مثل حال الاسلام السياسي في كل مكان حيث يتآمر بعضهم على بعض وكلهم يدبرون المكائد على الديمقراطية والديمقراطيين.

ربما نسى الرئيس مسعود البارزاني وتناسى الديمقراطيون الكرد ان تاريخ شعبهم ،كله، منذ الفتوحات الاسلامية حتى الآن ، عانى الضيم والجور والتنافس والصراع على احتلال ارضه  واهانة كرامته من قبل دول وحكومات واحزاب،  كلها تدّعي الاسلام، صدقاً أو عبثاً ، تحت راية إسلامية  تحملها على مقرات أحزابها.

صور التاريخ توضح ما يلي:

·         جزء من الشعب الكردي ، كان ولا يزال ،   يعاني من مآسي الحياة القاسية الظالمة، من قبل الاسلام السياسي التركي.

·         قسم آخر يعاني من حالات القهر والموت والاعدام من قبل احزاب الاسلام  السياسي الايراني.

·         جرائم القمع الواقع على الكرد العراقيين منذ عام 1946   حتى حرب الانفال وحلبجة ، استعارها بصورة مبتكرة وعدوانية مخيفة الحكام الاسلاميون  العراقيون منذ النظام الملكي حتى سقوط نظام صدام حسين المنهمك في  (الحملة الايمانية)  في ظل الدكتاتورية  الغاشمة تحت راية ( الله اكبر) منقوشة على علم دولته.،

·         كما يعاني الكرد في سوريا  من الاضطهاد القومي والايديولوجي ومن واقعية الحملة الايمانية  السورية.

كل عيون التاريخ لا ترى غير الحكام المدّعين بـ(الاسلام)  دقوا ويدقون اعناق الشعب الكردي .

و… في الوقت الحالي ، يتآمر تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) من خارج إقليم كردستان ومن داخله ،أيضاً، كي يتخلخل المجتمع  من خلال تقسيم  الناس الكرد إلى (أنس)  و (جن)  للقضاء على ما تحقق للشعب الكردي من حرية، عامة وشخصية، ومن (بعض) قيم واقعية في إدارة الدولة والمجتمع   منذ عام 1991 حتى الان.  لا بد للشعب الكردي وابناء الديمقراطية  الكردية ان يدركوا تماما أن سياسة  الاسلام السياسي  (مؤممّة) و(مموّلة) من قبل جميع الحركات السياسية الاسلامية في الشرق الاوسط ، سواء  كانت متطرفة ضد الديمقراطية  او تدّعي الاعتدال  معها .

وحدها ، الحركة الديمقراطية الممتدة  من زاخو حتى الفاو،  إذا توحّدتْ ستكون الشكل السياسي الأكثر انفتاحاً وقدرة على تعبئة الجماهير  الشعبية العراقية   المشتتة ومنحها الطاقة السياسية – الاجتماعية الخلاقة لتحقيق منجزات ديمقراطية عظيمة وتجديد أساليب النضال لدحر عصابات داعش والانطلاق بمناخٍ ديمقراطيٍ، حر وخصيب، لتصفية وجود الاعداء الطفيليين   ،المكشوفين والمختبئين،  الذين لا يريدون مجتمعاً عراقياً يتمتع بالحرية والمساواة وبتيار طليعي لبناء   وطن  تتوالد فيه الثقافة الديمقراطية بشكلٍ قادرٍ على الظهور والانتشار والتطور.

أملي أن يكون الرئيس البارزاني أول من يتذكر وأول من يواصل الرؤية العميقة حتى لا يتعثر النضال العربي – الكردي في مسيرة  الاتحاد الفيدرالي أو حتى الكونفدرالي في بلاد الرافدين.

أحدث المقالات