الظروف التي مر بها العراق خلال الاثنا عشر سنة الماضية، كانت صعبة بالقدر الذي افقدت هذا البلد الكثير من طاقته وثرواته البشرية والاقتصادية، ونالت من مكانته الدولية والاقليمية، وكادت ان تحوله الى دويلات عدة صغيرة وهزيلة لا ينفك الصراع بينها حتى يجعلها عبارة عن دويلات عالة على المنطقة.
وبما ان هذه الظروف كانت قاسية بشكل غير معهود، اريقت جرائها دماء غزيرة واستشهد من العراقيين الملايين وهجر وهاجر مثلهم، وفقد نصف الشعب تقريبا بيته وملاذه، وهبط مستوى المعيشة لدى المواطن العراقي الى ادنى مستوى، بعد ان كان يعيش في ظروف اقل ما تكون انها جيدة، فعلى الجميع ان يعمل باسلوب يمكن من خلاله تغيير هذا الواقع البائس.
ولكي يتوقف هذا البؤس ويستعيد العراق عافيته وموقعه لابد للعراقيين من التكاتف اولا والعمل سويا من اجل مصلحة بلدهم ومستقبله بعيدا عن النعرات الطائفية والقومية والصراعات الاثنية والمذهبية، وهذا بالتاكيد يتطلب جهدا داخليا كبيرا وتفاهما حول الكثير من القضايا المحورية.
ولنصل الى هذه النتيجة علينا في البداية التخلص من دوامة الارهاب وتهديده وتداعيات الازمة الاقتصادية، وايجاد السبل من اجل اقامة علاقات جيدة مع محيطنا العربي والاسلامي والاقليمي ولابد من دعم كل الفعاليات والحوارات والاجتماعات التي تعقدها المؤسسات العراقية او كبار المسؤولين مع نظرائهم وكذلك الاستفادة من المؤتمرات والاجتماعات التي تعقد سواء داخل العراق او خارجه، فهذه الطريقة قد تمنح العراق فرصة نيل ثقة الاشقاء والاصدقاء باننا جادون في محاربة قوى الارهاب ولدينا الرغبة في اعمار البلد من جديد، لان هذا هو الاسلوب الصحيح في مشاركة البلدان الصديقة والحليفة في القضايا التي تهم الجميع، والسعي الجدي لاخراج العراق من العزلة التي وضعته فيها السياسات المتهورة.
لقد كان مؤتمر البرلمانات الاسلامية فرصة ثمينة لفعل ذلك، خصوصا وانه عقد في بغداد وشاركت فيه نحو اربعين دولة اسلامية كانت مستعدة للحوار مع العراق وطرح المشاكل وايجاد الحلول لها والوقوف معه في حربه ضد الارهاب وفي الازمات التي المت به.
لقد تناول المؤتمر سواء في جلساته اليومية او الحوارت التي جرت على هامشه كثير من الامور التي يحتاج العراق لجهد دولي في حلها، خصوصا ما يتعلق بتسلل الارهابيين عبر الحدود والتي دفع العراقيون جرائها ثمنا باهضا، واهمية التعاون للقضاء على هذه الآفة التي شوهت منهج الاسلام الحنيف واساءت لعقيدة المسلمين في انحاء العالم، كما جرت مناقشة الغاء تاشيرة الدخول او تسهيل الحصول عليها بين العراق ومعظم الدول الاعضاء، والعديد من الاتفاقات الاقتصادية والتجارية، فضلا عن ان عقد هذا المؤتمر في بغداد يعد رسالة قوية وواضحة لقوى الارهاب بان القضاء عليهم ليس سوى مسألة وقت، وكذلك هي ثقة منحتها الدول الاسلامية للعراق لاستعادة دوره المحوري في المنطقة والعالم.