الارسال والتلقي في الاعلام بكل مناهجه ونظرياته ، محكومان في النهاية بثنائية الخبر والرأي. ومايحيطهما من اجتهادات وبحوث حول طبيعة مايُرسَل ومَنْ يُرسِل ومن يتلقى ظروفا وتوقيتات واهدافا ومما يعرفه الجامعيون جيدا من تفصيل وتفصيل التفصيل بهذا الشان.
فالخبر والرأي ، عنوانان شاملان لكل شغل الاعلام في الدنيا ولكل وسائل الاتصال القديمة والحديثة . وقد اعتمدت على هذه الثنائية دول وشعوب وشُنت حروب وتغيرت خرائط ونُهبت ثروات واختُرقت تحصينات وارتُكبت خيانات حتى يومنا هذا، ناس تبيع الخبر (أصلي أو مزور) وناس تبيع الراي وناس تبيع الخلطة من الاثنين حسب حاجة الزبون المحلي او الدولي .
واذا كانت الدول التي عُرفت بحرية الوصول الى المعلومة وشفافية القرارات الحكومية تتحفظ وتحفظ وتخفي اخبارا سرية لها علاقة بامن الدولة وامن المواطن ليس في السياسة حسب بل في الطب والاقتصاد والمعيشة والامصال والامراض والعملة واسعار المحروقات والعقارات وبورصة لاعبي كرة القدم ، فان العراق لاستر فيه ولاستارة ،اخباره شائعة تنتشر قبل ان يجف حبرها، معلومات الدولة الامنية الداخلية والخارجية والبنكية والسرية متاحة في الاسواق والمقاهي لارقيب على سبل تسريبها ولاحسيب على من يتحدث فيها قبل طرحها في الاجتماعات المغلقة . بحيث لم يعد الخبر العراقي نادرا ومغريا او ثمينا على الاطلاق .. لاسيما اذا سمعتَ نفيا وتاكيدا يصدر من جهة واحدة لاشاعة واحدة في آنٍ واحد . شجع هذا على انتاج الاخبار وصناعتها وتوليدها واستنساخها . لاسيما ايضا اذا عرفنا ان رئيس الكتلة السياسية يعرف عن الوزارة التابعة له – سيادية كانت ام ناقصة السيادة – اكثر مما يعرف عنها رئيس الدولة ورئيس الوزراء .
آخر تقليعة في هذا السِفر الاعلامي هي اخبار الفزع .. انتشار الكوليرا والبلهارزيا وابو خريان في مدن عراقية ، قطط تلد حيوانات مفترسة بسبب سوء التغذية وتكميم الافواه ، تسريب وبيع اسئلة الامتحانات الوزارية ، ظهور موجات من الافاعي النازحة الى مناطق ريفية ، كائنات برؤوس متعددة تقتحم الاسواق . سد الموصل سينهار ويغرق نصف الشعب العراقي وينهي الدولة الى الابد ، المجتمع الدولي يستبدل مشروع تقسيم العراق -المطلوب شعبيا في البلاد- بمشروع فرم العراق وتحويله الى عجينة حضارية لصناعة اكثر من كعكة سياسية في المنطقة .العام المقبل الدولة بلا وظائف ولارواتب ولاموزانة ولا فلوس ،وسيحرم الشعب من اهم وسيلتين للعيش الخبز والجكاير …. كل هذا وغيره يهون وممكن ان ينجرع امام (الفزع) الاكبر حين تسمع وزير النفط العراقي يحذر – هكذا وردت – يحذر العالم من ارتفاع مفاجيء باسعار النفط لتعود الى مافوق المئة دولار .وانتقال مقود التحكم بالاسعار من المستهلك كماهو الان الى المنتتج كما كان. فنحن بالعراق اكيد سناخذ هذا التحذير مأخذ الجد ونحتاط لاي طاريء كارثي من هذا النوع !