تتسم المرحلة العراقية بجدليات متعددة أبرزها جدلية المثقف و الحكم ، و تشتمل على كل مفردات العلاقة بين المثقف بوصفه صانع للوعي بينه وبين من هو في موقع المسؤولية في الدولة ، و التصنيف هذا لا يقصي المثقف المسؤول من الحقل الاول ، وإنما يسعى لثنائية المثقف و السلطة ؛ و بغض النظر عن المفهومات الكثيرة لمعنى المثقف عند المفكرين ، إلا أن مفهوم المسؤولية و الدور هو المعنى المُراد لسياقنا هنا ، و من هنا ستبتدأ كل الاسئلة المعاكسة من القضاء بإعتبارات الدولة الحديثة للمثقف ، و المعاكسة هنا إشارة إلى أن المثقف العراقي على طول تجربته الحديثة ما برح يوجه أسئلته للقضاء إستفهاما و نقدا و تجريحا في بعض الاحيان ، و هذا متاح له بل هو دوره و مسؤوليته ، لكن هنا نريد لوهلة ليست بالبسيطة أن نستأذن سيادة المثقف بالاجابة على أسئلة القضاء : سيادتك تعرف أكثر من أي شخص ماذا تعني السلطة القضائية وماذا يعني دورها في بناء الدولة الحديثة ، وتعرف أكثر ما هو دور القضاء في المراحل الحرجة التي تمر بها الدول ، و كيف يمكن للقضاء ان يكون الحصن من الانهيارات التأريخية للدولة ، والامل الاول و الاخير في إستعادة ترميم المهدم السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي حتى ، طيب إذا كان الامر بهذا الشكل ، فماذا قدم المثقف العراقي إنطلاقا من واجبه وبعناوينه المختلفة في صناعة الوعي وصناعة العمل للقضاء و ليس للقضاة في العراق ؟ أين وقف المثقف في نضال التشريعات اللازمة من أجل قضاء راهن لمواجهة تحديات الراهن ؟ و أينه المثقف في حلبة القرارات القضائية التي لا تتحول من قبل جهات متعددة تنفيذية و غير تنفيذية إلى مشاريع و واقع وابرز أمثلتها أوامر القاء القبض و أوامر العقوبة الاخرى ؟ و ماذا صنع المثقف العراقي مع أخوته القضاة ضد كل حملات سلب الاستقلال القضائي الذي أُريد به شرا ؟ و ماذا قدم المثقف و على كل المستويات التضامنية لرجال العدل الذين تحولت حياتهم الى صناديق مغلقة بسبب الاستهداف من قبل الارهابيين و الفاسدين و المجرمين ؟ أليس في القضاء من نضال و بطولة ؟ لماذا لم نجد من يعطي حق المناضل و البطل القضائي في العراق ! أليس حريّاً بالمثقف مثلما يتحدث أن يستمع كجزء من معادلة المعرفة أن أسمع و أقول و أقرأ قبل أن أكتب ، لن نقول في هذه الحلقة لزملائنا ما عليهم بل سنكتفي بهذا البعض من الاسئلة ، على آمل الاشارة الى ماذا للقضاء و ماعليه من أجل مرحلتنا العراقية .
