المرتكزات الأساسية في بناء دولة قوية، ذات سيادة واستقلال، ونفوذ أيضاً، هو التوجيه الصحيح لمكامن القوة فيها، العسكرية والإقتصادية والشعبية، فتستطيع هذه العناوين متحدةً إلى إقامة نظام حكم، قادر على النهوض بالواقع والتعامل مع المتغيرات، والإنطلاق تجاه محيطها الإقليمي، ثم الإنفتاح على الأنظمة الدولية الأخرى، وفق خارطة عمل واضحة الأبعاد والرؤى.
رسم السياسة الإقتصادية وتعدد موارد التموين، وزيادة نسب الإنتاج من خلال ألزراعة والصناعة، واعتماد الثروة الطبيعية كالنفط والمعادن، والإستفادة من بعض المهن والحرف، ومصادر أخرى كثيرة وصولاً للإكتفاء الذاتي، يعتبر أحد أبرز روافد القوة، في مواجهة التحديات وفق خطط شاملة ومدروسة، وعمل حقيقي ومهني، ينهض بالمستوى الإقتصادي للدولة.
ألعراق بلد غني ويمتلك ثروات هائلة، إذا ما أُحُسن توظيفها، يستطيع أن يكون في عِداد ألدول العظمى، إلا أن الظروف ألإستثنائية، جعلته يتأخر عن الدول الفقيرة بمسافاتٍ بعيدة، فأهدرت ثرواته وأضحى هدفاً يسهل الحصول عليه، لكل من هب ودب، فتعاقبت على حكمه أنظمة، العراق بالنسبة لها غنيمةً وفريسة.
منذ الإحتلال البريطاني عام ١٩١٦ثم الحكم الملكي، حتى ثورة عبدالكريم قاسم، كان للأجندات الخارجية دور بارز في إضعاف العراق، واستنزاف طاقاته وثرواته، من خلال الحروب المهلكة، الداخلية والخارجية، مما جعل الطريق مُعَبَد أمام البعثيين، ليستولي على الحكم، بالانقلاب المشؤوم عام١٩٦٨، وفرض النفوذ العفلقي على مقدرات البلاد.
اليوم وبعد مرور أكثر من عقد، على سقوط النظام البعثي في العراق، وما خلفه من آثار مدمرة، نجد أن الحكومات السابقة لم تأتي بجديد، ولم تغير في سياستها، ما كانت تنهجه الحكومات الأسبق منها، على مدى قرن من الزمن، ولا تكون مبالغة حينما نقول، أنهم أسوأ وبفارق كبير.
الحكومة السابقة وعلى مدى دورتين، زادت سنينها على الثمان، وفي ظل وفرة اقتصادية ملحوظة، واستقرار سياسي في كل المحافظات العراقية، لم تقدم أي برنامج اقتصادي، سوى مزيد من الفساد والسرقات، انتهت بمصادرة ميزانية الدولة، وسرقة ما يزيد على مئة وأربعين مليار دولار، ليجعلوا البلاد بمهب الريح.