ثقافة العائلة هي جذر ثقافة نفِّذ ثم ناقش البعثية، أو ربما ـ ثم ـ هي على الأرجح للنقاش مع نفسك إن صح التعبير.
صدق من قال إن الأطفال يولدون عباقرة ولكن عندما يكبرون سيصبحون، حمقى بفضل تربية إخماد شعلة الفكر بالسؤال نحو الطاعة العمياء.
هذه التربية لم تكن فقط من وحي بيئة المجتمعات العربية أو الآسيوية ككل ، بل الأوربية قاطبةَ، وهذا هو الحال في القرون الغابرة ومنها القرن الماضي….وبالمثال الفرنسي يستقيم المقال…..
في القرن الماضي نشرت جريدة النهار في الملحق الأسبوعي بتاريخ 10 01 1971 ــ وبشيء من التصرف للأختصار دون المس بالمضمون ــ : من أن الحزب الشيوعي فصل جارودي من عضوية الحزب بعد الحوار في التلفزيوني الفرنسي، والذي دار بين روجيه غارودي وبين ( جان دانييلوا) متبحر في علم اللاهوت المسيحي وكان نائباً ووزيراً في فرنسا، ومطراناً أيضاً ..وفي سنة ١٩٦٩ رسمه البابا كردنيالاَ.
تم هذا اللقاء على شاشة التلفزيون الفرنسي ثم اللبناني..وكانت المناظرة حول الدين والإنسان.
الكاردينال: يجب أن لانحصر الحياة في إتجاه واحد بل نسير في إتجاهين الأول الكفاح من أجل العدالة والسلام والثاني لقاء الأنسان مع الله.
ثم أردف مكملاُ ومقال الكاردينال:ـ علينا أن نؤمن بحرية الإنسان وتحريره، ولكن الحرية إذا خرجت عن إطار القيم تؤدي الى امأساة العالم ـ ومن هنا كان طغبان المال والفساد في الغرب ـ والطغيان الجماعي على على الفرد وحريته في العالم الشيوعي.
فرد روجيه غارودي :ـ كأنك ترى أن المسيحي لايكون مسيحياً حقاً إلآ إذا دافع عن الرأسمالية، وإنه إذا حاربها ورفضها يخرج عن دينه ومسيحيته، إن الإنتاج يزيد ويتضاعف وراتب العامل والموظف يبقى كما هو والأمراض تنتشر في بيئة الفقر، ولاسبب إلا النظام الرأسمالي..إن الحرية تبدأ مع الراتب وأوقات العمل، ثم قال جارودي : الرأسمالية يجب رفضها من الأساس أما الشيوعية ففيها عيوب يمكن الخلاص منها .إنتهى الحوار
بعد هذا النقد، تخلص الحزب الشيوعي من المفكر روجيه غارودي، قبل أن يتخلص من عيوب الشيوعية ويفتح باب حرية نقد الحزب والشيوعية، فإغلق الباب وإستراح الحزب من ثقافة النقد.
إذا كان لايحق لمفكر بوزن غارودي أن ينتقد، فكيف بعضو بسيط في الحزب الشيوعي الفرنسي؟
الحمد لله الحزب الشيوعي العراقي سليم معافى، لم ينهج هذا النهج الفرنسي الصدّامي . بل يسمح بالنقد للحزب والشيوعية، حتى في جريدته الرسمية وبكل أريحية ورحابة صدر سويدية.
لم أعلق أوأشخص منطقية الحوار بين الإثنان، وأيهما أصاب أوأخطأ ، وكيف ولماذا، لكن أختصر القول عن أن حجية غارودي لم تكن مقنعة وسليمة بالتمام بالرغم مافيها من نقطتان صحيحتان ومهمتان جداً وكذلك كان للكاردينال. لآن المقصد من المقال لايسمح بذلك.