تعاني المؤسسات الصحفية من ضائقة مالية شديدة اضطرت بعضها الى تسريح عاملين فيها وتقليص صفحاتها ومشاريعها الى جانب ان بعضاً منها قد اغلق ابوابه، وبالتالي جميعها حملت تبعات الازمة الى ذوي المهن الصحفية.
لاشك هناك عدد كبير من الصحف في البلاد والمنافسة فيما بينها صعبة وعسيرة على الاعلانات، لاسيما انها صحف حزبية، وبالضرورة الاعلانات المصدر الاساس لتمويل بعضها توزع على اساس المحاصصة، لا علاقة لها بسعة الانتشار والكميات المطبوعة التي تكاد متساوية، لان الكثير يطبع فقط ما يؤمن له القول انه ما يزال موجوداً في السوق.
واليوم الازمة اخمدت الذرائع والحجج المضحكة التي كان يسوقها السياسيون حينما يسألون عن مصدر تمويلهم يقولون انها من مردودات المطبوعات التي افضلها واكثرها قراءة ومبيعاً، اكثرها خسارة لان كلف اصدارها تفوق اضعاف سعر مبيعها!
يلاحظ ان هناك صحفاً تحقق ارباحاً في حين لم يسمع بها القارىء وربما لم يقتنيها، بل قلة من العاملين في مجال الصحافة يعرف انها تصدر ولكنها تستحوذ على نسبة اعلانات عالية جداً لم يعد خافياً على احد كيف يحصلون عليها، وبصريح العبارة يدفعون نسباً من اجور الاعلان الى مكاتب الاعلام او الى نافذين في دوائر ومؤسسات الدولة.
لقد توسعت الاحزاب والكتل في اصداراتها لوسائل الاعلام المختلفة، وان يجد بعضها صعوبة في تغطية تكاليفها وتمويلها ولم تقدر ان تعدي الازمة وتحمل العاملين فيها الى فترة من الزمن، بل ان بعضاً من هذه المشاريع بدأت تمتنع عن سداد ما بذمتها من رواتب واجور، وكان لها ان تتوقف حين شعرت انها لاتتمكن من الايفاء بالتزاماتها ولكنها استمرأت هضم حقوق الصحفيين والعاملين الاخرين بقوة الامر الواقع وضعف الطرف الاخر الذي لا يقوى على شيء، حتى النقابات والاتحادات التي تمثله لاتتمكن في هذا الزمن الرديء من اجبار المؤسسات التي غمطت الحقوق من الايفاء.
ومع ذلك القضاء في محكمة العمل انتصر للمظلومين لرفع الظلم عنهم باصدار احكام لصالحهم، وتعرية هذه المؤسسات، حتى ان النقابات والاتحادات الصحفية دعت الصحفيين الى عدم التنازل عن حقوقهم والتوجه الى القضاء الذي سينصفهم.
وهنا نتساءل اذا كانت الجهات اصحاب الامتياز والمصدرون تأكل حقوق العاملين فيها لسنوات وتضرب عرض الحائط بخدماتهم، فكيف تدافع عن حقوق الشعب والفئات المظلومة. على الذين يتعرضون الى التسريح التعسفي وعدم دفع رواتبهم واجورهم تقديم الشكاوى، كما يحق لهم مكافآت نهاية الخدمة وفقاً لسنوات خدمتهم في المؤسسة الاعلامية حتى لو لم تكن لديهم عقود رسمية موقعة، يمكن لشهادة زملاء لهم ومقاربات واي وثائق تفيد باشتغالهم في هذه المؤسسات.
تحاول بعض المؤسسات الاعلامية او بالاحرى هكذا تسمى جزافاً اخافة المنتسبين لديها عند مطالبتهم بحقوقهم بالحالة الميليشياوية السائدة وهي مسألة جزء من الفساد، فحين يطالب الصحفي او الصحفية باجره يهدد باخبار الميليشيات عنه واعتقاله او التحصن بالمنصب الذي فيه المسؤول عنه لاسكاته ولاجباره على التخلي عن حقه.
ان هذا شكل من اشكال الفساد الخطير الذي يفقد هذه الجهات كل مصداقيتها مهما تغطت باية عباءة او صبغة او تسترت بالورع والتقوى والمبادىء، في الواقع انها مافيات تختفي تحت واجهة احزاب وجمعيات وتيارات وزعامات وبيوتات فيما ينخرها الفساد من الداخل.
ايها الصحفيون والصحفيات
لا تدعو الجهات الفاسدة تأكل حقوقكم وتنتهك القانون والمبادىء السامية وانتم من حملتم شعلة الدفاع عن قضايا الناس دافعوا عن قضيتكم الخاصة لانها عامة من أي زاوية ينظر اليها