الحب عافية القلوب المكلومة من دون نزيف!
*الطب سباحة ضد حتمية الطبيعة التي تذهب بالجسد البشري الى الفناء ونذهب به نحن الى عشبة كلكامش التي إلتهمتها منه الافعى في غفلة إسطورية!
دفاعي عن زملاء المهنة؛ إزاء التحديات، التي نواجهها معا، ضد قوى لا يحق لنا قتلها؛ ما يوجب ان نتقي نيتها على قتلنا، وحمايتها من تداعيات السم الذي تنوي نفثه في أجسادنا.. “إذا رميت يصيبني سهمي”. قدرنا أننا أطباء.. ويا محلاه من قدر.. أنا وزملاء المهنة كافة سعداء بمعالجة المراجعين وتقديم العناية ومتابعة الحالات الصحية، للأفراد والمجتمعات.. نفرح بشفاء مريض ونتألم مع من يجافيه النوم سقما.. ما خلا سقم الحب، فهو عافية وجدانية للقلوب المكلومة من دون نزيف! الزملاء هم قطاعي ومدى تحركي، وهم حزبي ومنظومتي الفكرية؛ أجدني ملزم بالدفاع عنهم فردا فردا، حتى من يخطئ.. أحميه بالنصيحة؛ كي يرتد عن غيه، وأدافع عنه بمساعدته على تصحيح خطئه.. لا سمح الله، ومعاونته على تخطي ضعف الثمالة الراكدة في قعر بئر النفس الامارة بالـ… سوء. فـ “كلكم خطاؤون، وخير الخطائين التوابون” قال الرسول محمد.. صلى الله عليه وآله وسلم، حين واجهه مبدأ جاهلي يقضي بـ “إنصر أخاك ظالما مظلوما” فلم يحظره، إنما أقره سياق عمل معدل، تحت فهم إجرائي جديد، يتسق مع المنظومة القيمية للإسلام؛ وذلك بإستحصال حق المظلوم، ومساعدة الظالم، في الإنتصار على نفسه، تكاملا مع الحديث النبوي الشريف: “النفس هي الجهاد الاعظم”. لذا أتعهد بتوقير المهنة؛ وإستعادة هيبتها المسفوحة، وتوفير السكن اللائق بأهمبة الطبيب في المجتمع؛ لأن الصحة وحق الحياة الرافلة بالعافية، أعظم حقوق الانسان.. والانسان أعظم رأسمال! الرأسمال الأعظم ليس ترفعا عن باقي خلق الله؛ لكن لكل مهنة إشتراطاتها، وأولى إشتراطات الطب، هدوء الأعصاب الباعث على التركيز إنبساطا، لا شد فيه، إلا بما يخدم المريض بين يدي طبيبه؛ فهو يتعامل مع أقدس وأهم ما خلق الرب.. تعالى، إنه فن يستعرض عبقرية الطبيب، في تخفيف الالم وتدعيم الامل ضمن نسيج معنويات المراجع، وصولا الى الشفاء التام. عملنا يا إخوان سباحة ضد حتمية الطبيعة، التي تذهب بالجسد البشري الى الفناء، ونذهب به نحن، الى أطول مسافة ممكنة.. أقرب للخلود لو شاء الله ان يمنحنا أسباب السر الكوني لعشبة كلكامش التي إلتهمتها منه الافعى في غفلة إسطورية! الطبيعة، تعيد ترديد قصيدة الشاعر الانكليزي كولردج: إحمل آلة فنائك” إشارة الى بدء العد التنازلي، من العمر، إنطلاقاً من صرخة الولادة! وتنفذها بمسببات خلقها الله تنمو مع الجنين داخل رحم أمه؛ وبهذا يصبح عمل الطبيب، مشاكساً للطبيعة؛ بمقاومة التهرؤ الحيوي، الذي يتسارع بالإهمال، ويتباطأ حد التراجع أمام العناية الطبية الممنهجة، تماما مثل الإندثار الفيزيائي في المكائن. أفلا يريد الناس ان يعيشوا أطول عمر معافى؟ إذن فليطيعوا أوامر الطبيب، المبنية على مقتضيات أجسادهم؛ التي تحمي المرء من التوجه الى التهلكة. مجس التفاهم قلق الطبيب.. ليل نهار، في تطوير ملكاته المتفردة؛ لأجل ضمان أفضل مستوى أدائي مراد، تتطلب ان يقابلها مرضاه بالعرفان، وهذا أضعف الايمان؛ “فهل جزاء الاحسان إلا الإحسان”؟ البعض لا يشعر بحجم ما نكابده من عناء، متعدد الاسباب.. متنوع الاعراض، ينبع من جوهر فرد، قائم على خدمة المريض، التي أشهد الله أنها هدفنا الاول، وهو أسمى الاهداف! يطلب منا ذوو المريض معجزات، بالقياس الى المتوفر من مستلزمات، ونكاد نتخطى شحة الظروف من حولنا؛ قاهرين إرادة القدر، بسلطان من معونة الله للنوايا الصادقة.. الخالصة من القلب الى الربِ. جمهرة المنتظرين في الـ “Reception – Parlor” يشبهون حماسة وقلق متفرجي كرة القدم؛ لو يدركون حجم عناء اللاعب (جا) ما لاموه.. الطبيب يعاني الأمرين.. قصور فهم البعض وشحة المسلزمات.. “وسوى الروم خلف ظهرك روم.. فإلى اي جانبيك تميل.. لو تحرفت عن طريق الاعادي.. ربط السدر خيلهم والنخيل”. لذا أجدني ملزما بالدفاع عن قدسية الصدرية البيضاء، وسماعة جس النبض، ليس إنحيازا لعشيرة الاطباء ومذهب الصحة، على حساب سواهم؛ ولكن حفاظا على المعادلة؛ إذ لا بد من إدامة التوازن؛ وإلا ينفرط عقال الموقف، فينفلت المنطق، ويمسي الكل خاسرين، في خريف الشرق، الذي لا يريد ان يتعلم الربيع من أريحية الغرب، الذي حسم المتعلقات، وكبح جماح الشيطان، ذائدا عن ثبات العروة الوثقى دون إنفصام. لم نفلح بإيجاد مقاييس للتفاهم، بين المريض والمؤسسة الصحية، التي ترزح تحت وهن التقصير، من دون تلفيق أعذار، ولم نستعر من الغرب مجساته الرحيمة، في إستيعاب معاناة المريض ومشاركته آلامه، بطريقة تخففها عنه، تحت مبدأ المناصفه (Equally” ولا يخسرون شيئا أكثر من تطمين مخاوفه الهلعة ورعب ذويه. وبهذا لا أحد يقصر من مجموع عناصر المنظومة الطبية، ولا تنفلت أعصاب والد المريض او إبنه، فـ..