خامنئي او زعيم ما يسمى خط الامام والامام المعني هنا هو خميني وهو خط المتشدديون او المهمومين بحسب التسمية الشعبية الايرانيه للتميز بينه وبين خط من يسمون انفسهم بالاصلاحيين وهو خط روحاني – رفسنجاني الذي نعرفه بانه الوجه الثاني لتومان ولاية الفقيه ،وهما في الحقيقة وجهان لا يختلفان وانما يلعبان دورا واحدا كل بحسب الحاجة اليه ،الخلاف الوحيد بينهما هو التغانم على النفوذ والمغانم والاكل من جرف الاخر .
يقول السيد احمد غزالي رئيس وزراء الجزائر الاسبق : ان من يعرف حقيقة نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران يدرك أن التفاؤل بشان ايران وشعبها وسلوكها في اقليم الشرق الاوسط والساحة الدولية ، ليس في محلّه لأن صانع القرار في هذا النظام هو خامنئي الزعيم والولي الفقيه، والرئيس روحاني لا يتجاوز دوره في هذا النظام أكثر من مجرد موظف ومنسق أعمال الوزراء لأن جميع الصلاحيات وأدوات السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية مركزة في يد الولي الفقيه وتعمل تحت إشرافه المباشر.
وفيما يتعلق بالمشروع النووي والمفاوضات النووية أيضًا كان خامنئي هو المقرّر وروحاني ومجموعته لم يكونوا أكثر من منفّذين. كما أن المعلومات الدقيقة تقول إن العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران بفعل القرارات الدولية بدأت تؤتي ثمارها وحكام إيران كانوا على خوف جاد من تحويل هذه الضغوطات الاقتصادية إلى مشاكل سياسية وإلى احتجاجات وانتفاضات شعبية؛ وهذا العامل كان وراء القرار لدخول المفاوضات النووية ومن ثم الاتفاق النووي.
إذن نترك هذا النقاش جانبا وندخل المعترك الحقيقي في هذا المجال. النظام الحاكم في إيران لا يعترف بالحدود الجغرافية ومنذ أن تسلّم السلطة في إيران وضع في صلب سياسته تصدير «ثورته» إلى مختلف الدول بدءًا من العراق ومن ثم إلى لبنان والكويت والبحرين والسعودية وبعدها إلى بلدي الجزائر وتونس ومصر وغيرها من الدول. هذه السياسة تحوّلت إلى موادّ في الدستور الإيراني أيضًا، لأن الدستور مبني على مبدأ ولاية الفقيه التي تعني التدخل في شان الدول الأخرى. وحدث لي أن حصلت على وثيقة مفادها أن اغتيال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات نفّذ بأمر وبتخطيط النظام الإيراني، وأول من تسلّم التقرير من المجموعة المنفّذة كان خامنئي الولي الفقيه الحالي!
قبل وصول خميني والملالي إلى السلطة في إيران كانت هناك بعض النشاطات للجماعات الإسلامية المتطرفة وبعض العمليات الإرهابية المنعزلة أيضًا، لكن وصول النظام الجديد إلى الحكم في إيران كان منعطفًا رئيسيًا في هذا المجال حيث بدأت بعده الاتصالات وتوجيه الدعوات إلى المتطرفين من البلدان العربية والإسلامية وعقدت مؤتمرات لهم في طهران برعاية الحرس الثوري والمخابرات الإيرانية.
وبعد أزمة الكويت والإخلال بالتوازن الاستراتيجي في منطقة الخليج تعاظم دور النظام الإيراني في مجال تصدير الإرهاب والتطرف إلى الدول الأخرى. لكن المنعطف كان سقوط النظام السابق في العراق وتقديم العراق على طبق من ذهب من قبل الأميركيين إلى نظام الملالي. منذ ذلك الوقت أخذت خطة تصدير الثورة صورة الهيمنة على سياسات الدول، وبدأ نظام الملالي تطبيق التجربة العراقية في لبنان وبعد ذلك في سوريا وأخيرًا في اليمن.
ولدي تجربة شخصيـة في هذا المجال حيث شاهدت عندما كنت في سدة الحكم أن هؤلاء كانوا يتدخلون في شؤون بلدي دون خجل. كانت علاقاتهم بالعابثين بأمن بلدي جيدة يؤمنون لهم مظلّة سياسية ويمدّونهم بالمال والتدريب. وعندما بلغ السيل الزبى قمنا بقطع علاقاتنا معهم. وجاءت هذه الممارسات ضدنا بالرغم من أننا بذلنا كل مساعينا لتقديم الخدمات لهم وقمنا بالتوسّط بينهم وبين الأميركيين في أزمة الرهائن.
معنى ذلك أن هذا النظام من ديدنه وطبيعته التدخل في شان الدول الأخرى، ويعمل بكل ما لديه من إمكانيات وأموال وعلاقات دبلوماسية وغيرها من أجل تجنيد المتطرفين في مختلف الدول. علاوة على ذلك، خلق النظام الإيراني بيئة خصبة لتنامي هذه الظاهرة في جميع الدول. وفي هذه البيئة ترعرعت وتعاظمت جماعات من أمثال «القاعدة» و«داعش» وغيرهما. حتى إذا لم تكن لدينا معلومات عن العلاقات الوطيدة بين المخابرات الإيرانية وهذه الحركات فلا شك أنه لو لم تكن ظاهرة التطرف متفشّية بفعل النظام الإيراني في الدول العربية والإسلامية لم تستطع هذه الجماعات من التفريخ في هذه الدول.
كان النظام الإيراني بشكل آخر أيضًا السبب في استفحال ظاهرة «الإرهاب السني»، إذا صح التعبير، في العراق وسوريا، وذلك من خلال فرض القمع المطلق على أهل السنة في هذين البلدين من قبل نظامين تابعين لولاية الفقيه، حكومة نوري المالكي والميليشيات الشيعية في العراق وحكم بشار الأسد في سوريا.
وفيما يتعلق بدور روحاني في هذه المسارات فهو كان منذ اليوم الأول من حكم الملالي أحد أركان هذا النظام، حيث كان لمدة 16 عامًا سكرتير المجلس الأعلى لأمن النظام الذي يعدّ أعلى جهاز في اتخاذ القرارات السياسية والعسكرية والأمنية في البلاد. إذن إنه كان من صانعي القرارات في القمع والإعدامات في الداخل الإيراني وفي تصدير الإرهاب والتطرف إلى الخارج. وفي الوقت نفسه كان ممثل خامنئي أيضًا في هذا المجلس. روحاني ليس له دور في نظام ولاية الفقيه سوى محاولة تجميل صورة هذا النظام في الخارج وهنا نصل إلى بيت القصيد. واسمحوا لي أن أحذّر الدول الغربية وبشكل خاص فرنسا من أن روحاني لا يمكن أن يتنازل خلال المفاوضات مع الحكومة الفرنسية عن الأسس التي بني عليها نظام ولاية الفقيه بل يحاول تسويق هذه الأسس لتصبح مقبولة لهم.