17 نوفمبر، 2024 8:39 م
Search
Close this search box.

اجتماعات (هي والماكو سوه)

اجتماعات (هي والماكو سوه)

لا أظن أحدًا منا قد نسي الاجتماعات والمؤتمرات واللقاءات، والدعوات المتكررة اليها خلال السنوات العشر الماضيات، كما لاأظن صور الشخصيات ذات المناصب القيادية التي كانت تحشد الرأي العام والخاص على حد سواء لحضورها قد غابت عن مخيلاتنا، لاسيما مناصب الرئاسات الثلاث والقوى السياسية البارزة في الساحة العراقية. وكل تلكم الاجتماعات جاءت حصيلة همم متفاوتة في صدقها الى حد ما، فمنهم من كان سعيه حثيثا أبدى فيه حرصه على حل المشاكل العالقة والمتراكمة بين الساسة وأرباب الكتل، بنيّة لملمة الشمل الذي لاينكر أحد مدى تشتته وتبدد جمعه، بما زاد من تنافر القوى الكبيرة قبل الصغيرة في عراقنا الجديد. ومنهم من كان يتأبط من دعواته تلك شرا، ويبطن تحت مساعيه اليها مكائد لايعلمها إلاه. وكلنا يذكر حتما أن أبرز الحاضرين في الاجتماعات كان شعارهم خدمة العراق والعراقيين، وانتشالهم من تداعيات الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية التي حاقت بهم، وفي حال كهذا سيصفق لهم الجميع، ويباركون لهم وطنيتهم وشعورهم النبيل تجاه أبناء جلدتهم. وسواءٌ أسلبية كانت نتائج تلك المؤتمرات والاجتماعات أم إيجابية! فإن نصيب المواطن منها السلبيات في الأحوال كلها، أما الإيجابيات فلفئات غير فئات الشعب وشرائحه. والحال على هذا المنوال مستمر في النكوص والتردي، وإن طرأ عليه تغيير فهو لحال أسوأ، مايعزز فكرة ان ساسة العراق لايريدون للعملية السياسية الاستقرار، وإن كانت تميل اليه أحيانا. ومايعزز هذه الفكرة أيضا طول مدة الخلاف رغم اللقاءات التي تنشد تقريب وجهات النظر، او كما يدعون رأب الصدع او لم الشمل او رتق الفتق، إذ من غير المعقول ونحن في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، وفي خضم التغيرات التي تمر بها الأنظمة في البلدان المتاخمة للعراق والبعيدة عنه أيضا، أن لايتمكن المختلفون من صهر نقاط الخلاف بينهم، وحلّ العقد والملابسات والإشكالات، بشيء من التنازلات، وتفهم الرأي الآخر. ليتحرر العراق من بودقة الصراعات الداخلية التي تفاقمت وأضعفت العراق أمام دول إقليمية مستقرة داخليا، فاستأسدت عليه بعد أن صار لقمة سائغة وصيدا سهلا لمن هب ودب من حكام تلك الدول، وقطعا أولها السعودية، وثانيها تركيا، وثالثها من لانعلم متى ينشب أظفاره في جسد العراق. وكيف لاتستأسد وهي ترى تفتت اللحمة الوطنية بين كبار السياسيين العراقيين، ويتبعهم الأصغر فالأصغر فالأصغر، وإذا بهم جميعا يسلمون العراق على طبق من ذهب لمن يروم احتلاله او حكمه اوحتى ضمه الى نفوذه.

ما ذكرني بالمؤتمرات والاجتماعات الرنانة على خوائها وخلوها من المضمون المجدي، هو دعوات عديدة جديدة من أطراف كانت الى عهد قريب مناوئة لكل مايمت بصلة الى الحكومة والشعب، حتى كأنها تعادي كل شيء حي على رقعة البلاد من شمالها الى جنوبها، ومن غربها الى شرقها. فتارة تنادي بإسقاط الحكومة، وتارة بإلغاء الدستور، وثالثة بتقسيم البلاد، ولسنا نعلم الى أين يصل سقف المطالب لو أتيح لهم المجال؟. وكحاجة ملحة وحل أمثل وآني، نادى كثيرون بالرجوع الى العقل والصواب والرشد، من خلال تفعيل (وثيقة الشرف)، او (ناموس غيرة) او (كمبيالة ضمير)… وتتعدد المسميات للوصول الى حل نهائي وجذري للمشكلة القائمة في البلاد.

أرى أن مضيعة الجهد والوقت مضيعة للبلاد ومهلكة للعباد، وكفاكم تسويفا ومماطلة باجتماعاتكم ومؤتمراتكم ومواثيق شرفكم ولقاءاتكم الوطنية.. والى آخره من مسميات تجمعاتكم التي تقسمون فيها وتحنثون القسم، وتتعاقدون على الوفاء وتنكلون بالعقد، وتعاهدون فيها شعبكم وتنكثون العهد، وتوعدون رعيتكم بالحسنى وتخلفون الوعد، وبهذا فإن اجتماعاتكم (والماكو سوه)..!

[email protected]

أحدث المقالات