كتب مهند جواد : ما يزال أهالي المقدادية، شمال شرقي بعقوبة،(55 كم شمال شرق العاصمة بغداد)، يعيشون هواجس الأحداث الأخيرة على الرغم من تأكيدات قادة أمنيين على “استقرار” أوضاع القضاء الذي يعد الثاني حجماً بالمحافظة، ودعوات نبذ العنف والحفاظ على التعايش السلمي.
مواطنون الأوضاع مستقرة بنسبة 80%
ويقول بائع الخضار في سوق المقدادية، نور محمد، في حديث إلى (المدى برس)، إن “الأوضاع تحسنت نسبياً في القضاء الذي بدأ يشهد حركة بـنسبة 80 بالمئة”.
ويرفض محمد، الذي يقع محله أمام جامع المثنى بن حارث الشيباني، الذي تم تفجيره “الحديث عن كيفية وقوع الحادث والجهات المسؤولة عن ذلك”، لكنه “اتهم الجهات ذاتها التي تقف وراء التفجير المزدوج بانتحاريين يرتديان حزامين ناسفين استهدفا مقهى شعبياً، قرب الجامع مما أسفر عن مقتل أو إصابة 63 شخصاً”. ويضيف بائع الخضر، أن “أهالي القضاء متآخون ولم تؤثر مثل تلك الحوادث الإرهابية في لحمتهم الوطنية”.
من جانبه يقول المواطن محمد مصطفى، من أهالي المقدادية، في حديث إلى (المدى برس)، إن “القضاء يعيش حالة طبيعية الآن برغم هواجس الخوف التي تسيطر على الأهالي”، مبيناً أن “الناس ما تزال تشعر بالرعب بعدما جرى مؤخراً على الرغم من الهدوء التام في القضاء بعد حادثتي تفجيري المقهى والجوامع”.
ويوضح مصطفى، أن “الأهالي متوحدون أكثر من أي وقت مضى، لكن هناك جهات وأطرافاً (لم يحددها) تريد العبث بأمن القضاء واستقراره”، داعياً الحكومة إلى “حصر السلاح بيد الدولة وعدم السماح للميليشيات الخارجة عن القانون العبث بأمن أهالي القضاء، لتقوم القوات الأمنية وحدها بحماية المقدادية”.
رجل دين شيعي : إقالة قائد الفرقة الخامسة كفيل بعدم تكرار الحوادث
إلى ذلك يقول رجل دين شيعي من أهالي المقدادية، إن “الأعمال الإجرامية التي شهدها قضاء المقدادية مؤخراً، من تفجير المقهى والجوامع، مستنكرة ومدانة وغير مقبولة”.
ويرى ياس التميمي أن “عدم تكرار تلك الحوادث يكمن في إقالة قائد الفرقة الخامسة في الجيش، الذي فشل في حفظ أمن القضاء منذ قدومه، وتجريف قاطع الزور الذي يعد المعقل الرئيس لداعش والمرتبطين به، والإسراع بإعادة بناء الجوامع التي هدمت وتعويض المتضررين والجرحى وذوي الشهداء”.
ويطالب التميمي، بضرورة “الكشف عن الشخصيات العشائرية والأحزاب التي أرجعت المهجرين المطلوبين والمتهمين بانتماءاتهم وولائهم لداعش”، ويؤكد أن “عودة المهجرين أدت إلى إعادة التفجيرات والأحداث الأمنية في القضاء”.
مسؤولون محليون: لم يسجل أي حادث بالمقدادية منذ عشرة أيام
ويقول قائممقام قضاء المقدادية، زيد العزاوي، فيإن “الوضع في المقدادية مستقر ومسيطر عليه حالياً من قبل الأجهزة الأمنية”، مضيفاً أن “القضاء لم يشهد أيّ حادث منذ عشرة أيام، وإن الحياة فيه بدأت تعود إلى طبيعتها، كما بدأ الطلاب يرتادون المدارس”.
ويدعو العزاوي، الحكومة إلى “تعويض المتضررين من الحوادث التي شهدها القضاء بخاصة الجرحى وذوي الشهداء”، مبيناً أن “الأضرار الناجمة عن الأحداث المؤسفة، تتمثل بسقوط 26 شهيداً من جراء تفجير المقهى، وستة آخرين قتلوا غدراً، فضلاً عن تفجير خمسة مساجد”.
على صعيد متصل يقول مدير شرطة المقدادية، العميد خالص محمد سهيل، في حديث إلى (المدى برس)، إن “الوضع الأمني في القضاء عاد لطبيعته، كما عادت حركة المواطنين والتبضع فيه”، ويبيّن أن “التحقيقات جارية لغاية الآن لكشف المتورطين بالحوادث التي شهدها القضاء مؤخراً”.
وينفي سهيل، “وجود عمليات نزوح أو تهجير من القضاء عقب الأحداث الأمنية”، ويؤكد أن هناك “خلايا نائمة لتنظيم داعش في ديالى كما هو الحال في عموم المحافظات الأخرى”.
ويتابع مدير شرطة المقدادية، أن “منطقتي السنسل والزور ما تزالان تضمّان أوكاراً لداعش، إذ أن القوات الأمنية تكشفها باستمرار”.
رفض تدويل قضية المقدادية
وما تزال آثار الدمار موجودة على جامع المثنى بن حارث الشيباني، ولم ترفع منه الانقاض وما تزال موجوداته “مبعثرة أو ممزقة أو محترقة”، برغم سعي رجال الأمن والشيوخ من دار الافتاء السني، معالجة آثار الدمار.
وينتقد رئيس هيئة إفتاء أهل السنة والجماعة، مهدي الصميدعي، خلال تجواله داخل الجامع، “تأخر رفع الانقاض وأعمال الترميم”. ويطالب الصميدي، قائد شرطة ديالى وقائممقام المقدادية وقيادة عمليات دجلة بضرورة “الإسراع برفع الانقاض وترميم الجامع ويمهلهم عشرة أيام لإنجاز ذلك”.
ويقول رئيس هيئة إفتاء أهل السنة والجماعة، لقد “جئت ممثلاً عن المرجع الديني الشيعي الأعلى، علي السيستاني، ورئيس مجلس الوزراء، حيدر العبادي”، ويؤكد استعداده “تسهيل القرارات الإدارية والحكومية الخاصة بإزالة آثار التفجيرات الأخيرة”.
ويتابع الصميدعي، أن “مسؤولي المقدادية وأهاليها ينبغي أن يرتدوا زي العمل بلون واحد حتى لا يتم تمييزهم سنّة كانوا أم شيعة”، ويشدد لقد “جئت لإنهاء التداعيات وعدم السماح لأيّ طرف بتدويل قضية المقدادية”.
دعوة للاحتكام للقانون والدستور والدولة
ويقول المدير العام للعلاقات والإعلام في وزارة الداخلية، إبراهيم العبادي، في كلمة خلال مؤتمر صحفي عقده في قاعات للمناسبات وسط قضاء المقدادية، على هامش زيارته للقضاء، إن “الحكومة تقدم التعازي لأهالي القضاء بمقتل عدد من أبنائها نتيجة الأحداث الإجرامية الأخيرة”.
ويضيف العبادي، أن “الحكومة حملتنا رسالة واضحة مفادها، أن العراق لن يستقيم إلا بقوة الدولة ومؤسساتها واستعادة هيبتها واحترام سلطانها وحكومتها وقانونها ضماناً لاستقرار أمن المناطق كافة وازدهارها اقتصادياً”.
ويتابع المدير العام للعلاقات والإعلام، أن “الرسالة الأخرى التي نحملها مفادها، أن العراق طالما شهد سنوات عجافاً والظلم والعجز والدكتاتورية، لكن أهله كانوا يعيشون بخير ولم يتزعزع نسيجهم الاجتماعي، أو يصنف أحدهم الآخر بحسب القومية أو الدين والطائفة”، ويتساءل “ماذا حدث ولماذا حلت بنا الفتن؟”.
ويشدد العبادي، على ضرورة أن “يعيش الناس كلهم في سلام ووئام لا يفرقهم أي شيء ليستقر العراق بفضل الحكماء والتضحيات”، ويدعو إلى “الاحتكام إلى القانون والدستور والحكومة في معالجة المشاكل”.