تشير كثير من الاّراء المتداولة في خفايا بعض الدوائر المهمة والقريبةً من صناع القرار. وبعض التسريبات من مصادر موثوقة. ان ثمة تحضيرات كبيرة لعملية تغيير سياسية واسعة النطاق ستجري في العراق. لا بل صدرت تصريحات تبدو خطيرة من جهات معتبرة. تشير بوضوح الى تلك الاحتمالية. يندرج بعضها في محاولات لتكييف بعض السياسات والشخصيات والجهات. لتتوائم وتتلائم مع طبيعة المتغيرات الجديدة. ومن اجل التخلي عن الوضع الحالي والتخلص من كل سلبياته وسيئاته وإيجاد جهة او عدة جهات. تنوء بحمل أوزارها. لاسيما الجهات بطيئة التكيف مع الأحداث والمستجدات او التي اثقلت نفسها. بتركات ثقيلة من الأشخاص والمواقف والجهات. التي ستكون فعلا. ضحية الواقع الجديد.
ان الأيدلوجيات الثقيلة. الشيعية والسنية هي من ستكون ضحية هذا التغيير. الذي سيكون إطاره العام هو تعددية المذاهب والقوميات المتعايشة في بلد واحد. والعراق سيكون بلد ذلك النموذج.
المرجعية في النجف وعديد من السياسيين بدأو يلاحظون علامات الواقع الجديد. فأرسلوا رسائل مناسبة في إطار التأييد. او التكيف للقادم من الأيام. منها موقف المرجعية من الحكومة. وموقفها من قيادات الحشد المتطرفة. وافتراقها عن بعض المواقف الإيرانية. وبعض التحالفات والتكتلات الجديدة. تؤيد هذا المنحى. الجديد. الساحة الشيعية. تشهد مخاضات عسيرة ومتعددة. فحزب الدعوة بعد نجاحه في البقاء في دائرة التوازن الإيراني الامريكي لما يزيد عن عقد من الزمان. يتعرض اليوم بشخص رئيس الوزراء الى ضغط هائل من قبل قيادات الحشد والمالكي. وبعض الجهات الاخرى المنافسة لغرض إزاحته وإيجاد شماعة جاهزة تتحمل اخطاء الماضي. مع العمل على ظهور وجوه جديدة تتصدر الساحة السياسية الشيعية. ذات مسحة غير مؤدلجة. لكن تبقى في إطار التوازن الإيراني الامريكي وليس مائلا الى احدهما. ولن تخرج البدائل خارج إطار حزب الدعوة. وهذا ما يراهن عليه الحزب وهو مصدر القوة عنده. لحين ظهور تيارات شيعية ليبرالية. متحررة. تتلائم مع المشروع الغربي بالتزامن مع تغييرات في السياسة الإيرانية.
اما في الساحة السنية. فهناك عقبتان رغم الترحيب السني باي عملية تغيير سياسية تتبناها الولايات المتحدة علها تحمل في ثناياها مزيدا من الاستقرار في المناطق السنية وتحد من التمدد الشيعي. والانهيار الأمني الذي تشهده المدن السنية. وحملات التغيير السكاني والتطهير الذي يمارس بحقهم.
اول هاتين العقبتين. ان السنة لا تمثلهم قوى متفق عليها. فبعضهم خارج العملية السياسية الجارية حاليا في العراق. والبعض الاخر الذي هو في إتلك العملية منقسم ايضا في اطار التنافس السياسي.
والعقبة الثانية تتمثل في الرغبة الامريكية والإقليمية بتبني قوى سنية غير عقائدية من اجل الابتعاد عن الاستقطاب الديني بين الشيعة والسنة. لكن معظم هذه القوى في الساحة السنية. ليست موحدة وليست منظمة وترتبط باشخاص متفرقين لا يمتلكون تنظيمات معتبرة. وبعضهم شيعة كانوا طيلة الفترة الماضية يعتبرون الساحة السنية منطقة تأييد ودعم لهم في حملاتهم الانتخابية الامر الذي يشير بوضوح الى المزاج السني السياسي الذي يجنح نحو التيارات المدنية. بعض النظر عمن يقودها. ولعل ما جرى مؤخرا من اعلان قيادات إسلامية بارزة لاستقالاتها بصورة جماعية. من تلك الحركات وايضا مشاركة رئيس البرلمان الحالي السيد الجبوري وتبنيه لتجمعات شبابية وطنية. كل ذلك يشير بوضوح الى إمكانية اعادة ترتيب الأوراق لاستقبال القادم من الأيام.
وايضا بعض المساعي لعدد من النواب السنة والشخصيات السنية في الخارج والداخل على حد سواء لإيجاد تحالفات جديدة تصطبغ بصبغة ليبرالية مدعومة من بعض دول الجوار والإقليم. كلها تؤكد. ان العراق سيشهد تغيرا سياسيا واسعا. يحتاج لوجوه جديدة وفعاليات سياسية جديدة لاتكون من تركة الماضي القريب وغير مثقلة بالايدلوجيات المغلقة. سياسيا.