يقيناً أن كلمات الحق لابد لها أن تُقال، وتكون رادعة مهما طال زمانها، وتنتزع أدران الفساد والتلاعب بالقيم والقانون ومقدرات الإنسان، وأن نسيج المجتمعات مبني على مرتكزات متجذرة في عمق تاريخ الوطن، ومسقية بتضحيات ودماء، وفيء نخيل يلوذ به الفقراء.
نتسأل عن سر التدهور والإنحاط، وحماية أمبراطوريات الفساد، ونسيان ما آلت له البلاد.
نتحدث كثيراً عن الفساد، وبقاء مواقع المتنفذين المتجذرين على عروشها، ومنصات التسقيط عامرة بخاطب متشنج مستنكف عن الإعتراف بالأخطاء، وعن الإغتراف من التجارب والخبرات والطاقات، ومكامن الحرص والإخلاص، نتحدث عن وضع العراق الإقتصادي ولم نقف عند المسببات والغايات، وكيف وصلنا ولماذا نستمر وأين هو التشخيص والعلاج؟!
هي ليست تلك العصا السحرية التي كانت يلوذون بها، ولا تبرير التلكأ والخلل بالتركات، ومنذ عام 2003م تعاقبت حكومات، قد لا نعتمد على أساس منها لقصر فترة حكمها، ولكن فيها بعض الدلالات، ولكن الحديث عن 2006م، عندما كان العراق مكبل بالديون، وديناره في أدنى مستوى من الآن، وكان لزام على العراق تسديد ديون، ورواتب هائلة، وأول حكومة ببرلمان منتخب ومجالس محافظات.
نتحدث عن تلك التجربة، ونربطها بالحكومة بعد 2010م وحكومة اليوم، وبمجرد أن تخلى باقر الزبيدي عن رأس وزارة المالية ارتفع الدولار 25%، فهل كان الخلل برأس وزارة المالية أم رأس الحكومة، أم أنهما مشتركان؟! إذا كيف إستطاع الزبيدي النجاح مع نفس رئيس الوزراء؟! وكيف أسقط 80% من الديون ورفع الدينار؛ في أول حكومة وبرلمان منتخب؟!
لا شك أن لصانع القرار الأول تأثير كبير في رسم سياسة الدولة؛ ولكن كيف ينجح وزير مع مجموعة تعثرات، وبالطبع أن النتيجة واضحة، وشخصية المسؤول المباشر أكثر تأثير من رأس هرم صناعة القرار، وأن ما أل له العراق اليوم، نتيجة حسابات خاطئة، حكمتها مجموعة من العنجهيات والترهات، وعدم التفكير بذلك الدينار الأبيض الى يومنا الأسود هذا؟! وأن من يضع الوطن نصب غاياته، لا يفارق الحق مهما تعددت وسائل التسقيط والتدمير، ومحاولات الإلحاح على محو ذاكرة العراق من رجالها.
نجيب عن سبب التدهور والإنحطاط، وكلنا يقول: أن من أراد العمل بإخلاص ووطنية؛ كان مرمى للتسقيط والإستهداف، ومحاولات العزل عن الساحة الوطنية؟!
لا نريد الإطالة بحديث التاريخ؛ عل بعضهم يقول: ما كان يُقال في زمن الدكتاتورية؛ مجرد شعارات تآكلت على إعتاب المكاسب والملذات، ولكننا نعرف أن بعض النوايا والغايات صادقة، وأن الخير لا نرجوه إلا من بطون شبعت ثم جاعت، وأن الجائعة لم يشبعها هدر المليارات، وقد كانت وما تزال لا تملك إلا شعارات؛ لا تشبع ولا تغني عن جوع، ولا تحمي بلد هدده الإرهاب بسوء السياسة الحاكمة، وتسقيط الذات؟!