سورية تسكن فينا نحن من راها بعين عربية..تمنحك الالفة بسرعة غربية..تعيش فيها وكأنك أبنها المدلل..مدنها تمنحنك المواطنة فيها..بلا أستثناء كل مر فيها لابد أن يعود اليها يوما..أو تظل ذاكرة راسخة في سجله الحياتي..فمثلما مصر أم الدنيا ..فسورية أم حنونة اخرى..من يشرب ماء الفيجة..يتطهر بدنه ..ومن يتنفس هوائها لايصاب بالوجع..في سورية حياة لست صاخبة كمدن الغرب هدوء وسكينة وأمان..
في اصبوحة شتائية فيها بعض الدفء كنا مع سورية..والدكتور محمد ونان في استعراض جميل عن مشاهدات ميدانية عنها ..
وعندما أستمع لحديث أو محاضرة للدكتور محمد ونان..اعيش معه وجدانيا بحيث أرى احداث ما ينقله الينا..أنصت مستمعا بوعي حسي متفرد..والسبب هو لهذا الكم الغزير من الثقافة الموسوعية ..وتجاربه الحياتية..اكاديميا من طراز يجعلك تتعلم..واديبا تحملك مفرداته الى أن تتعمق بما يطرح من اراء ,تثير عندك تساؤلات متعدده..اشكالية..القضية.. والحتمية الثقافية بالضرورة توصلك لغايات واهداف الفعل الثقافي الذي يتناوله..
وفي رحاب شارع المتنبي وتحديدا في منتدى النخب كان لنا موعدا مع د.محمد ونان في محاضرة شيقة وغنية..حول المشهد الثقافي السوري..من خلال معاينة ميدانية لها..وهي جزء من الوفاء لهذا البلد العربي الجميل الذي احتضنه ومعه الملايين من العرب ..الملاذ الروحي الذي يستوعب الجميع دون منه..
نقلنا المحاضر في تسلسل جميل..عن اولا اصل التسسمية .سورية..وحدد ثلاث وجهات نظر مختلفة ..وترك لنا البحث والتقصي ايهما اصوب..
ثم تدرج الى موضوعة العلاقة بين سورية والعراق فكان وصفه مقبولا ومقنعا الى حدا كبير..فقال أنها تبدو علاقة حب بين العراق كمذكر..وسورية الانثى..تلك الرابطة التي تغنى وانشد لها شعراء البلدين بصدق المشاعر..ابتدا من الجواهري الى العلامة المرحوم الوائلي حتى الشاعر فائز الحداد..السرالوجداني المتشعب بالحب لم ينقطع وصاله رغم ظروف البلدين..في سورية ترى الجمال يتجول في كل حارة فتارة تراه في وجه طفلة سورية ملامحها سماوية أو في نهر يتدفق بجمال مثير أو في جلسة حتى ولو كانت عادية عند مقاهي ومطاعم دمشق وحلب ..لذلك تلك الازقة تجعلك تعشق وأنت هكذا تسير ..هو الحب العذري الذي يجعلك تتأمل واحيانا تصبح شاعرا تكتب بروحية هائمة..
ثم تدرج بنا المحاضر ألى التنوع البئيي من جبال ادلب الى البادية حتى مدن البحر..في سورية ترى كل شي مختلف لكنه متوحدشعوريا بأسم صفته الوطن الاكبر سورية..وشخصيا وطيلة مكوثي الطويل فيها لم افرق بين الانتماأت العرقية والقومية والدينة والطائفية..هناك اقتران بينهم بغض النظر عن الاختلافات ..
وفي سورية لاتوجد منطقة وسطى محدده كما في باقي البلدان..تقارب وتداخل..وحدد المحاضر ايضا تأثيرات الجيرة في الجنوب دير الزوروالبادية حتى الرقة طباع تشبه العراقيين..وفي ادلب تشابة مع الاتراك والساحل تأثر بلبنان..ودرعا اخذ حتى اللهجة الاردنية..والى اخره من التأثر المتبادل..لكن هم متوحدون جدا..
والادب والفن السوري له حصة كبيرة في التأثير والانتشار..والشعر فيها يعني بلامنازع نزار قباني ذلك الدمشقي العاشق..وأدونيس الذي عبير عن تجربة جديدة في الشعر..والماغوط أبن السلمية المتمرد الناقد..وابطال مسلسل الحارة وهم يدخلون في بيت كل عربي…الثقافة في سورية ظاهرة…فنادرا أن ترى منهم لايتحدث فيها بأمكانية واثقة..
ونحن هنا كنا في المحاضرة لكن كان الجوء سوريا بأمتياز..بفعل حكنة وتمكن د.محمد ونان في أن ينقلنا برضانا حيث القاسيون والوفر في الزبداني وبلودان لكن رغم البرودة كنا نشعر بدفء غريب ينطلق حين يتكلم المحاضر الرائع د.محمد ونان…