18 يناير، 2025 10:28 م

السلوك بين العرض والطلب!!

السلوك بين العرض والطلب!!

هل أن السلوك البشري يخضع لقوانين العرض والطلب؟!!
وفقا للمنهج الرأسمالي كل نشاط بشري (بزنز) , يتحدد بمعايير الربح والخسارة , ولا توجد قيمة أخرى ترسم معالم التفاعل ما بين المخلوقات , وخصوصا ما بين الأمم والشعوب أو ما نسميه بالسياسات.

فالسياسة والحرب (بزنز) , ويمكن وضع الجوهر في أغلفة متنوعة ومتعددة الألوان والأشكال , لتمرير الغايات والأهداف والتطلعات (البزنزية).

والدول القوية كالتجار الكبار أو تجار الجملة الذين يبحثون عن أسواق لبضائعهم , وبساهمون في توفير وخلق الأسواق لكي يزداد الطلب وتنتعش تجارتهم.

ولكي تخلق سوقا لبضاعتك عليك أن تعمل على إيجاد العوامل الكفيلة بتنمية الطلب , فإذا كنت تريد بيع سلاح , عليك أن تجتهد في خلق التفاعلات الكفيلة بتسويقه , وزيادة الطلب عليه , وإن كنت تريد أن تبيع ماءً عليك أن توهم الناس بأن الماء المتوفر في بيوتهم لا يصلح للشرب , ويصيبهم بالأمراض وبما لاتحمد عقباه من الأخطار.

ويلعب الإعلام دورا كبيرا في التسويق وزيادة الطلب على أية مادة , كما يحصل في الإعلانات عن البضائع وغيرها.

وضمن هذا الإطار يكون السلوك البشري المتفاعل ما بين المجتمعات , فإذا زاد الطلب يزيد الإنتاج والإستثمار في السوق المُستهدفة , ولا يمكن لبضاعة أن تُباع إن لم تكن مطلوبة , من فرد أو جماعة أو مجتمع , والبضائع تنوّعت وتطورت , وصناعة الأسواق لأية بضاعة في أقصى قدراته الإحتهادية والإبداعية.

والسياسة سلوك وكذلك الحرب , وما يرتبط بهما مما نسميه مؤامرات وخيانات وفساد وغيرها الكثير , لا يمكنه أن يحقق مآربه إن لم تكن أسواقه على درجة عالية من الطلب , وما يجري في مجتمعات عديدة من تداعيات وويلات , سببه وجود قِوى قادرة على التسويق وتنمية الطلب والإمعان بالإستثمار فيه وتطويره.

فالفاسدون يتكاثرون لأن سوق الفساد رائجة , والآخرون يستثمرون فيها لتحقيق أعلى ربحية ممكنة , فهذا يخسر وهذا يربح , ولا يوجد ربح متكافئ , وإنما مقابل كل رابح هناك خاسر , ومقابل كل ثري هناك مئات وآلاف الفقراء.

فالقول بأن هذه القوى تتآمر وتلك تستعدي وتتدخل في الشؤون الداخلية , نابع من تقديرات عمياء , لأن أية قوة يمكنها التأثير بقوة أخرى حالما تجد فرصة أو منفذا (سوقا) لتمرير إرادتها , وما أن تجد لها موضع قدم حتى تنطلق منه لتنمية قدرتها على تقرير مصير المجتمع الذي نفذت إليه , ولكي

تتنامى إستثماراتها تحتاج لسوق وباعة ومروجين وإعلاميين من المجتمع المُستهدف , وبدون ذلك لا يمكنها أن تثبت وتدوم.

وبعض المجتمعات عبارة عن أسواق مفتوحة للترويج لأية بضاعة مهما كان نوعها , لأن فيها من الإستعدادات الكامنة لتسويق ما يساهم في تحقيق البيع الأوفر لأفسد البضائع القادمة إليها.

وفي هذه المجتمعات للصراعات أسواق وطلب , وللفساد والمحسوبية والغش والرشوة والربا , وللعمالة والخيانة والعدوانية والطائفية والفئوية , وما دامت فيها أسواق وآليات تسويق نشطة لهذه البضائع , فأن عليها أن تلوم نفسها , وتبتعد عن بهتان الشمّاعة!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات