كان السيد مهدي الحكيم يطرح انتقادات كثيرة للسياسات عبد السلام عارف خاصة في الشؤون العامة، وكان عبد الرحمن يبدي عدم رضاه عن سياسات شقيقه، لان عبد الرحمن عارف كان يتمتع بعلاقات جيدة مع المرجعية الدينية وأوساطها، وقد جرت لقاءات بين الحكيم وعارف في أوقات سابقة.
وانطلاقاً من ميل عبد الرحمن إلى التهدئة، وابتعاده عن استخدام لغة التصعيد، ما وفر أماناً لدى المرجعية الدينية والسلطة، وشجع السيد الحكيم على إبداء رغبته في طرح فكرة الانتقال من الحكم العسكري إلى الحكم مدني النيابي وإعلان حكومة مدنية تقوم على أساس التوازن، ويبدو أن السيد مهدي الحكيم قدم مقترحاً إلى رئيس الوزراء عبد الرحمن البزاز مبين في رغبة المرجعية الدينية بتحويل الحكم في العراق من النظام الحكم العسكري, تتحكم قيادات الجيش فيه بشؤون السلطة.
ويؤكد ذلك بقوله “نعم يوجد عمل سياسي مع جماعات شيعية وسنية وعربية وكردية وكان همنا أن يأتي حكم يفسح المجال للحريات” ، ولكن البزاز رفض المقترح ألان الأوامر تفرض بالسلاح، وإذا استوجبت الأمور يعلن فيها الأحكام العرفية، وان هذا الأمر الذي لم يرُق للأمة ولا يرضي المرجعية الدينية، فكانت مساعي السيد الحكيم تحويل الحكم إلى حكم مدني نيابي، والتخلص من الحكم العسكري في العراق، مع تحقيق التوازن في السلطة التنفيذية والتشريعية، تتطابق ومقترح الهيئة الرئاسية الذي طرح أثناء المداولات بين أعضاء مجلس الدفاع الوطني لاختيار الرئيس الجديد، ولكنه رفض لأمرين.
أولاً: مخالفته الدستور المؤقت.
ثانيا: كون المجلس سيأخذ بالتمثيل الطائفي.
وان دعوة السيد الحكيم لتشكيل هيئة رئاسية منبثقة من الواقع العراقي، وان فترات الحكم الماضية كانت تبني السلطات والأنظمة والقوانين التي تحكم البلاد على أساس مناطقي أو طائفي، مما أدى إلى خلق أزمات تفرزها هذه الحالة، ومنها أحداث السلطة مع الأكراد، ومضايقات الحكومات على الحوزة العلمية والمرجعية الدينية واغلب أبناء الشعب، لذا حاول السيد الحكيم إيجاد مقعد رئاسي لأحد شخصيات التيار الإسلامي، في خطوة تعتبر تصحيحية ورغم ذلك رفض مقترحه.
وكان السيد الحكيم في الواقع يمارس عملاً سياسياً دءوباً، لذا يظهر تمتع التيار الإسلامي بثقل سياسي، وهذا المسعى جعل اغلب الجهات السياسية الكردية والسنية تؤيده لقيام حكومة مدنية يتخلص فيها من الحكم العسكري، وأنها خطوة ضرورية، لأن الحكم المدني يعطي حقوق كافة أبناء الشعب، وكان ذلك مطلباً ينادي به الحكيم من دون إثارة أية حساسية.