23 ديسمبر، 2024 10:44 ص

فسعوهم بأخلاقكم.. إن كنتم تزعمون

فسعوهم بأخلاقكم.. إن كنتم تزعمون

نسمع كثيرا خلال عمليات التفاوض, بأن الأجواء كانت إيجابية, أو أنها كانت عكس ذلك, فما هو المقصود بذلك؟
يقول المختصون, أن هذا المصطلح يستخدم, للإشارة إلى أن الخلافات, بين المتخاصمين السياسيين, لازالت لم تحل, لكن الطرفين وما يحيطهما, من مقدمات وظروف ورغبات, تتجه للإيجاب, يؤيدها رغبتهما الحقيقية, للوصول لحل.

يذكرون كذلك أن تلك الأجواء المحيطة, مؤثرة جدا, وربما تكون حاسمة, في حل القضية, أو وضعها على الطريق الصحيح, والتقليل من أثارها السلبية, فهي ستحدد الطريقة الذي سيسلكه الطرفان في حسمها.

دوما تكون القضايا التي تخص الشعوب خطيرة, ولا يسهل التعامل معها, لأن نتائجها لا تمس فردا, ولا يمكن تعديل أو معالجة, أضرار الأخطاء التي تحصل.. هذا ما يجعل وظائف الخدمة العامة, والتصدي للمسؤوليات القيادية, عملا مرعبا وخطيرا, ولا يجب أن يتصدى له كل من هب ودب.

لاشك أن العام الحالي, سيكون عاما شاقا وصعبا, على العراق وشعبه, إقتصاديا وامنيا, وبالتأكيد اجتماعيا, للتأثير المتداخل للقضايا.. فنحن بلد نفطي, ولا نعرف موردا أخر غيره, وقد إنهارت أسعاره, على الأقل هذا ما جنيناه على أنفسنا, بفضل حكوماتنا السابقة.

رغم التضحيات الجسيمة التي يقدمها أبناءه, في حربهم ضد الإرهاب ومن خلفه, بعقيدة راسخة, أطرتها فتوى المرجعية العظيمة, بالجهاد الكفائي, إلا أن هذا لا يعني أن الموت ليس مؤلما, أو أن هذه الحرب بدون تبعات أو ثمن باهض جدا, وهذا ما سيخلق جوا صعبا.

يصاحب ذلك, ضيق وركود إقتصادي شديد, زرع الخوف في قلوب كل الناس, وجعل نظرتهم للمستقبل سوداوية, ولأغلب الأمور.. وربما نظرتهم فيها شيء من الواقعية, لكنها لمرحلة محددة, فالأمور ستنفرج, أجلا أو عاجلا, ولو نسبيا.. ناهيك عن المشاكل الإجتماعية المتراكمة, منذ حكم نظام الطاغية, وما أضافته أخطاء الحكومات المتعاقبة, بعد سقوط هذا النظام.

في حديث لصادق أهل البيت, عليه وأله أفضل الصلوات, يحمل بين طياته, فكرة رائعة, لمن يعقل, يشرح التكافل الاجتماعي ومراتبه, يقول (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم, فسعوهم بأخلاقكم), للدلالة على أهمية خلق الجو الإيجابي, والتعامل بلطف, حتى مع رد الحاجة, والإعتذار عن قضائها.

الظرف الذي نمر به, سيتطلب من الدولة, إتخاذ إجراءات سيكون بعضها ضاغطا على المواطن وصعبا, لكن أن يرافق ذلك, حرب أعصاب, بتصريحات, تهدده برزقه وحياته يوميا, على شكل تسريبات و تصريحات أو مقترحات, فهل مطلوب موت المواطن, ألف مرة يوميا؟!أو لا تزعمون أنكم جئتم لخدمته؟!

ما يجب أن يفعل فليفعل, لكن أوقفوا تصريحاتكم المتضاربة, التي تحبط الناس, فنحن في حالة حرب, وحاسبوا من يخالف ذلك, فهو يقاتلنا في عمق مجتمعنا.. وأخلقوا جوا إيجابيا متفائلا, داخل المجتمع قدر الإمكان, فالحرب ينتصر فيها, من جبهته متماسكة أكثر.