الانباء الواردة من البصرة تثير القلق والخوف بعد ان اصبحت المعارك وبمختلف انواع الاسلحة تجري جهاراً نهاراً ، بل ويشارك فيها بعض منتسبي الأجهزة الامنية حسب المسؤولين هناك الذين حذروا هؤلاء من انهم سوف يحاسبون وفق المادة الرابعة من قانون الارهاب في محاولة لردعهم .
الواقع ان كل الحلول التي تم طرحها لغاية الان لإيقاف القتال بين بعض العشائر والحد من تداعياته لم تأت ثمارها ومازالت العشائر المتقاتلة في غيها سادرة .
في الماضي القريب كانت بعض النزاعات العشائرية تحدث ويأخذ بعضها من البعض الاخر بثأره العادة المقيتة ، ولكن الآن عادت الى البداوة في اسوأ صورها وممارستها ولأتفه الاسباب ، بل ان الاستهتار بلغ بها مبلغاً بحيث تقطع طرقاً عامة وتنصب السيطرات ويأخذ الناس بألقابهم رهائن او يقتلون في قارعة الطريق في وضح النهار .
العشائر حصلت على اسلحة مختلفة من المخازن التي نهبت وبكميات كبيرة ، وباتت تشكل قوة ضاربة الى جانب الجهل الذي تلبسها بغض النظر عما تحتضن من مستويات دراسية وعلمية ، وغلب عليها المتقاتل مع الاخرين الجاهلية وتطبيق اعرافه ومبادئه التي لم تعد تنسجم مع العصر الراهن ولا مع التطور والعمران الانساني الذي في البصرة ذاتها .
هذا وغيره الذي يعم البصرة ما كان له ان يسود ويكون امراً يومياً لولا ضعف القانون وتطبيقه وتراجع مشروع دولة المواطنة والقانون امام الولاءات الفرعية والعصبيات الضيقة والتشجيع الذي يلقونه من بعض المسؤولين في محاولة لتجيير ذلك الى ولاء سياسي بدائي .
ان الحال المائل والخطير والمرشح ليهد كل شيء لا يمكن اصلاحه بالخطابات والشعارات وتبويس اللحى والانقسام بين السياسيين الى مؤيد ومعترض الى هذه العشيرة او تلك حسب الولاء وما يمكن جنيه من اصوات انتخابية في وقت لاحق للأسف الشديد . الاوضاع المتردية والخطيرة التي تهدد خزان العراق النفطي وثغره على العالم بحاجة ماسة الى قوة فعالة من الاجهزة الامنية التي تطبق القانون بصرامة وتتخذ اجراءات قاسية ضد كل من يخرق القانون بما في ذلك العمل بما هو استثنائي .. ليس صعباً اجلاء بعض العشائر المرتبطة بالمشاكل وانتهاك القانون والاعتداء على الاخرين وتجريد الاخرى من السلاح الذي يفوق الحاجة والامن الشخصي لكل بيت .
من المعيب على القوى الامنية انها لا تستطيع ان تحمي الناس وتقف عاجزة امام الفوضى التي تضرب البصرة ، لابد من اعادة النظر ببنائها والاعتماد على مبدأ المواطنة في اعادة تأهيلها ونبذ المحاصصة في تعييناتها .
الاوضاع العشائرية المتوترة والمشاركة فيها واذكائها لا تستقيم مع المطالبة البصرية المستمرة لسلطات اوسع وتشكيل اقليم ، فهي ردة للتخلف وازاحة لسلطة القانون الى سلطة همجية بعيدة عن الحضارة والثقافة ليس الا