17 نوفمبر، 2024 9:48 م
Search
Close this search box.

التمايزية في سردية واقعة الانطباع الشعري

التمايزية في سردية واقعة الانطباع الشعري

قراءة في ( سليل الغيمة ) لعلي محمود خضير
أن فضاء الكتابة الشعرية في تجربة مجموعة قصائد

( سليل الغيمة ) للشاعر علي محمود خضير تبدو لنا

حين مطالعة دوالها و انساقها و خطابها قريبة من حدود

الاقتباس الضمني المندرج ثيماتيا في محصلة أصداء و

تماثلات التجربة السيابية في بعض موضوعات قصائده

الموروثية الكبيرة . غير أن الشاعر علي محمود في

مجموعة قصائده راح يؤدلجها ضمن نسقية تجاذبية خاصة

من روح وصلة الابتعاد و الاقتراب عن معطيات تلك

الصورية الايقونية في تجربة الشاعر السياب .. حيث صار

يبلورها داخل حدود استنطاقات تمثيلية مبطنة تتجسد في

تحريك دواله داخل صورة سردية تدعمها خالقية الانطباع

الإيحائي و القصدي في تعديلات خصوصية دلالة خطاب

الاشياء المتصلة بوحدات مؤشراتية تثيرها تفاوضية التشكيل

إزاء حقيقة رؤية الواقع النصية كحد فاصل لتعريفات الحالة

لديه و ما يترتب عليها من تفاصيل تركيبية حقيقية .. أنا لا

أقول بأن مواطن شعرية هذا الشاعر ما هي إلا حلقة من

سلسلة القصيدة السيابية ولكن أقول بأن هناك حالة ألتقاء

بينهما معا و بين أجواءهما الإيحائية حصرا كقصيدة

( خال من الحنين ) و قصيدة ( أصعدي أيتها النجمة )

وقصيدة ( لا أحد يفعل شيئا ) وقصيدة ( غياب ) . من هنا

يمكننا قراءة معطيات و انطباعات قصيدة الشاب علي محمود

خضير بمعزل عن ما ذكرناه في مقدمة مقالنا ،وذلك بسبب

وجود الأشياء في تجربة ( سليل الغيمة ) إذ جاءتنا عبارة

عن رؤى إجرائية تناصية بصيغة التكليف الانطباعي الذاتي

في تشكيل مديات القصد الإيحائي المباشر في ولوجات

مسافة المتخيل الاقتراني و حدود مؤشرات القصيدة ذاتها

المهتمة بأنشطارات كلية الأشياء المتبدية في عضوية تنقلات

صوت السارد الشعري .

حين شتموك لأنك محض حالم

كنت وقتها

تضمد قلوبهم من صدأ الأيام

لذا سأفترضك بلا عكازات

سأفترض جناحيك بسعة مدينة

و أنك ستطير هذه المرة أيضا .

أن صوت الراوي الشعري هنا لا يلبث في منطقة

( الحلم / الحلمية ) بوصفها محورا بؤرويا بالرغم من قوة

الإحالة أليها الى وجود الذاتي في منطقة ( الارتباط / الزمن/

الصوت ) إذ أن جملة ( حين شتموك لأنك محض حالم )

تجيب عن دلالة العنوان المركزية ( بلاد في جيب قميص )

بيد أن الدوال تجتهد ــ أي اللقطة ــ الثالثة في أختزال مقولتها

و الانتهاء بها الى نتائج توقع خاص ضمن تجليات ضاربة

في دلالة الجنون : ( و أن بك من الجنون / ما يجعل البلاد /

تنام مجددا في جيب قميصك ) ومن خلال ما يتحدد به

( المعنى التقاربي ) إذ يبدو لنا الغرض من دوال النص هو

شكل المجاورة و التطابق وصولا الى مثالات مشتركة بين

مجمل ما ذهب إليه المعنى و بين دليل الأستكمالية بفكرة

المدلول الجزئي في الوقت ذاته ( وأن بك من الجنون )

فبوسعنا من خلال هذه الجملة معرفة لحظة المزاولة

الاستخدامية كنمط أساسي ممتد من نقطة ( لأنك محض حالم)

الى نقطة ( تنام مجددا في جيب قميصك ) و تتوقف هذه

الدلالة المزاولة عند وحدة التحول الداخلي ( أنظر أيها

القتيل ) و من الممكن أن تتحول هذه الوحدة المزاولة الى

تصور مقابل بأمكانية انبثاقها الأكثر ظهورا ( مؤقت كل

شيء / لست بحاجة لأحد / براهينك في شمس العالم ) لاشك

أن وجهة النظر المزدوجة في مواطن هذه الدوال من شأنها

توفير خاصية تقطيع الخطاب الدلالي على هيئة وقفات

قصدية ما . إذ أنها تسخر وحدات القول الشعري نحو

تماثلات تقديرية متجلية تسلك في ذاتها نحو اتجاهات

محورية من شأنها تحريك الأشياء و حالاتها نحو مسارات

غاية في محصلة الأشباع التواصلي و بالتالي نلاحظ بأن

هناك حالة كشف ضمن حدود هذه الدوال و توالداتها :

( و يدك بيضاء تلمع / في ليل الشياطين ) فالصورة الشعرية

في هذه القصيدة و منذ بدأت صارت تأخذ شكلا أفتراضيا

رمزيا يرتبط سياقها التالي ارتباطا متلاحما بسياقها النفسي و

في سياقها المتحول .

( المؤولات الاظهارية في دلالة الأمكان )

لقد ترتب على بعض النصوص التحديثية في المشروع

الشعري الحداثوي نوعا من المؤاخذات التي بالأمكان أن

نبررها على أنها محض استيعاب انتقائي لرؤى غير متآلفة

شكلا و مضمونا إذ أن الشاعر من خلالها نجده يعكس

حالات الاشياء نحو اسقاطاته المخيالية التي تلافت الظهور

بذاتها عن صيغة مقربة من حدود المعنى الشكلي المباشر.

غير أن الذي تشكلت عليه قصائد الشاعر في مشغله

الاختباري هو جملة ظهوريات ارتباطية خاصة كان

مصدرها غائية نزوعات الجسد الغيابي في ظل مشخصات

حصيلة الأنا المتجانسة بين الذات و العالم المفترض بحقيقة

محمولاته الاظهارية الناتجة من دعم تظافرات بناءات

توفيقية من شأنها دعم حركية الدالة المراوي في محتوى

أيقونة الدلالة الشعرية الاظهارية .

أنت ،

حين تصعق فجأة

كيف صرت أبا هكذا ، بلحظة واحدة ؟

أن العلاقة بين ( أنت ) و بين ( حين تصعق فجأة ) ليست

علاقة زمن بزمن بل هي علاقة حدث بحدث اظهاري . إذ

أن الحدثان معا راح يمنحان التزامنية الموقفية و الضمائرية

( أنت / حين / تصعق / فجأة ) رؤية مظهرية اسلوبية

الأسناد بين مقصدية المرسل و بين مرجعية إقامة التواصل

في نقاط ألتقاء العلامات المؤولة في البعد الدلالي : ( كيف

صرت أبا بلحظة واحدة ؟ ) يتحقق من هنا هذا الأمكان عبر

صلب اللحظة المحورية الاستفهامية ( أنت / كيف / هكذا )

لتصب في حركية حياة تصورات لحظة مفروضة

( بلحظة واحدة ؟) كما بقيت الأنتقالة الحاسمة بالمؤول شبه

ضرورية لأنها قد حلت بالمقطع الأخير على هيئة موضوعة

استثنائية لظرفية شبه غير مقصودة : ( صور غيرها /

أفلتت منك و كلامات / و أنت تصحب أبنتك لأستوديو

تصوير لأول مرة ) أن تفاصيل و وقائع هذه القصيدة كأنها

تجسد صور حكاية قصة قصيرة . إذ أن الشاعر من خلالها

يبدو حكواتيا أكثر مما هو شاعرا في قصيدة .

( تعليق القراءة )

رأينا بعد قراءتنا لزمن قصائد مجموعة ( سليل الغيمة )

للمبدع علي محمود خضير بأن قصدية الرؤية لديه تتبع

سبل الاستدلال الاختلافية حيث التصور المغاير لرسالة

شبه محددة تستدعي فاعلية الاتصال اللفظي من زاوية

نصف معلومة تتوسل البلاغة الشكلية للإقناع و التأثير.

أنا أظن أحيانا

بأننا الأجزاء المحطمة

من دراجة نارية سحقها التهور و الظلمة .

هكذا حالات القصيدة في بنيات ( سليل الغيمة ) تصبح دوال

الأشياء مرسلا انطباعيا في سؤال القصد و الغرض و

المغزى . أن ما قرأناه في مجموعة الشاعر من حالات

شعرية تتجاوز دائرة العون الرمزي و ظواهره ، بل أنها

تجربة لشاعر في غاية حالاته التصويرية و المخيالية .

أن حسن التمايز النوعي بين هذا الشاعر الشاب و باقي

أبناء جيله من الشعراء هو أنه يكتب الأفكار البسيطة في

مشروع رؤى القصيدة ، غير أنها تتحول لديه أي الأفكار

الى مدلولات ارتباطية مدهشة في مبعث ساحة علاقاتها

الدوافعية المغايرة .

في المقصورة 7

بقطار بغداد الرجراج

شاب يسمع أغنية حب خاسر

وطفلة تجرب كسر البسكويت بأصبع واحد .

و هنا نلاحظ الدور القصدي المؤثر في لغة النص حيث

المكان المتنقل الذي يضم في طياته العامل الانطباعي الذي

من شأنه اظهار و رسم دلالة المقصود الشكلي في صلة

حميمية من التوصيف المنفتح على رحلة الصورة الشعرية

و فضاء تمفصلاتها التنويعية الامكانية في دليل الحالة

الشعرية الكامنة ضمن زوايا توصيلية غاية في أثر دلالة

المعنى و جوهرية الشعرية المتماسكة . أن شاعرية و شعرية

مجموعة قصائد ( سليل الغيمة ) ما هي إلا وظيفة انتاجية

حاذقة رغم برودها الظاهر في مواطن ( إزاحة اللغة ) و

جفاف مرجعية معالجاتها المجازية في منحنى المشبه

القصدي في مرسل الدال الشعري . و لكنها تبدو على أية

حال تجربة شعرية متميزة بأختياراتها و مرتكزاتها و

علاقاتها مع منطقة إحالاتها البنائية المشيدة لقيمة مسمى

بنية شعرية منتجة في خواصها العضوية والابداعية

إجمالا .

 

أحدث المقالات