ثمة عوامل مهمة كانت وما تزال؛ اسباب مباشرة لتراجع الدولة، وكلنا يتحدث ويًطالب بالرجل المناسب في المكان المناسب، ولكن كيف نناسب المناسب مع حديث وأقاويل لا تُناسب، وكلام فارغ إنطوى على التقسيط والتشهير؟!
لا يُعقل أبداً خلو العراق من الكفاءات الوطنية، ولو بحثنا لوجدناهم في ذيل القائمة ومرمى التسقيط ودائرة الإتهام؟!
ترتكز الدولة على قوانين تتبعها سلطات، وشعب وإعلام كسلطة رابعة؛ تتكامل الأدوار وتجد حقائق بنوية الدولة، وطالما تحدث كثيرون عن الفساد، وحجم التراجع والسوادوية، وصارت أداة إعلامية دسمة وإفتعال ملفات وإبتزاز سياسي؛ ساعد إشاعتها ساسة تحدثوا عن إتهامات فساد جماعي، وحين سؤالهم عن فشل ذاتهم، يقولون: كلنا فشلنا؟!
وراء كل تعميم؛ تكتيم وتعويم وخلط أوراق نظيفة؛ في طين المفلسين من الإنجاز والوطنية والقدرة على إدارة مسؤولياتهم، ولو كانت كذلك؛ لما بقي في العراق بشر ولا شجر، وربما إختلط الأوراق على بعض باحثي الحقيقة، وإمتلأت أفواه آخرين، إلاّ أن من يتبصر الواقع؛ يُدرك وجود مصدات لولاها لإنهارت الدولة، وهناك مهنيين حرفيين وطنيين مخلصين؛ تحملوا طعنات الظهر ونكران رفاقة الدرب والهدف المشترك والمسؤولية الكبرى؟! بل صُدرت الجهود، وأُبعدت الطاقات وإفراغت الساحة من عقولها، وسوّق الإنجاز لفئة والفشل للعموم، وتمترس الإنتهازيون بشعار الطائفة ووزعم الإنتصارات؛ لذات لم تترك فسحة لمطبات قادم الأيام.
في حديث الشارع إحياناً، وحسب ما سوّق بأدوات إعلامية متقنة؛ إعتقد كثيرون أن المحاصصة والتكنوقراط سببان رئيسان لفشل إدارة الدولة، والحل ليس بهذا وذاك؛ إذْ ليس من كان حزبياً فاشلاً، ولا كل تكنوقراط ناجحاً، والعكس أيضاً صحيح، ولا يشك أحد في قدرة وزيري الكهرباء السابقين؛ كريم وحيد وأيهم السامرائي علمياً، ولكن هل نجحوا؟! نقول إتهموا بملفات فساد وفشلت وزارتهم؛ بل كانت وما تزال الكهرباء تعاني من تشابك ملفات الفساد وتردي الواقع.
تعرض الوزير باقر الزبيدي الى حملات ممنهجة للتشويه والإستهداف، وسألني أحداً ذات يوم، عن كثرة حديثي عن الفساد، وإعتباره موازي وسبب للإرهاب، ولم أتهم الزبيدي يوماً، فقلت له إعطني دليل واحد وسأكون أول من يكتب عليه، قال كيف عمل في أربعة وزارات مختلفة؛ قلت من يُريد النجاح يناله، وأن فشل فلا يتوانى عن الإستقالة والإعتذار والإعتراف بالخطأ، والأخطر على المسؤولية؛ حينما تضع مختص فاسد؛ وهنا يصبح متفنن في الإحتيال، وعلمه وابل عليه ونقمة على الشعب.
إن الحديث عن باقر الزبيدي؛ أشبه برواية قصة نجاح وسط كم الفشل، وحين إستلامه الإسكان والإعمار في جنينية الدولة العراقية؛ إستطاع بناء مجمعات سكنية، وخطط لبناء آخرى تكفي لملايين؛ من ضمنها مشروع معسكر الرشيد لـ 500 ألف وحدة سكنية، ما يزال ملفها على الرفوف بعده؟! وفي الداخلية تصدى لأشرس هجمة طائفية، والمالية رفع الدينار العراقي من 150 ألف لكل 100 دولار الى 100 ألف لكل 100 دولار، وإطفاء معظم ديون العراق، وأما النقل فيكفي الحديث عن نقل 20 مليون زائر هذا العام دون مشاكل تذكر كما في السنوات السابقة.
لسنا بلد يخلو من الطاقات الوطنية؛ لكن ثلة قليلة أمسكت زمام أمر الدولة وفشلت، ووقفت سداً منيعاً أمام الإنجازات التنموية.
بعيدأ عن الوزارات التي إدارها الزبيدي؛ فقد تحدث مراراً عن مخططات الإرهاب والتحركات الإقليمية، وكان حري بالمعنيين سماعه كمواطن، وفي وقتها كان برلمانياً لا يزيده من إنتفاع الدولة من تلك المعلومات؛ إلاّ رصيد وطني يعتقده في ذاته، وحدث ما تكلمه بعد سنوات، والسبب يعود لإتخاذ صناع القرار مواقفهم على أسس سياسية، لذلك لم يبحثوا عن رجل مناسب لمكان مناسب، ويعتبرون كل شيء لمكسب سياسي؟!