19 ديسمبر، 2024 12:06 م

عند الصباح يحمد القوم السرى

عند الصباح يحمد القوم السرى

لما داهمي النعاس، غادرت الحاسوب و غطست غطسة في يمّ النوم العميق حتى تبللت منامتي بالعرق، وتركت الحاسوب تحت رحمة مجموعة من الققجيات، من هن من لها ولع بلعبة السودوكو، ومن هن من أدمنت لعبة الاختفاء بين أزرار اللوحة مع شقيقتها التوأم بعد إشباع رغبتهن في التبحر في دكان الحاج غوغل. لكن غالبا ما ينهين المطاف بشجار عنيف، حتى أنهن في إحدى المعارك الضارية، خمشن الشاشة بأظافرهن الحادة، إنهن فعلا مشاغبات وعنيدات، الشيء الذي يضطرني غير ما مرّة إلى إشهار  البطاقة الصفراء في وجوههن المدماة مهددا إياهن بإنهاء العقد مع شركة الاتصالات، ووضع الحاسوب في سلة المتلاشيات، والاكتفاء بهاتفي الخلوي القديم.

 ما علينا هذا موضوع سأحسم فيه في حينه، عندما يوشك الحاسوب أن يتقاعد هذا وعد مني. في الصباح وأنا أقوم من نومي متثاقلا كساع إلى الهيجاء بغير رغبة، بادرتني إحداهن قائلة:

– حسنا حسنا، هيا نامي ولا توغري صدر أخواتك فيكدن لك كيدا، إن كيدهن عظيم..     

– مهلا مهلا، ما لي أرى جديلتيك منفوشتين؟ وما بال خدود شقيقاتك مخموشة،؟ أكيد مخالبك النحاسية هي صاحبة هذه الجريمة.

     – كنت في مرحلة دفاع عن النفس.

     – يا لك من وقحة ألا تخجلين من نفسك، إنهن شقيقاتك ماذا جنين حتى تنكلي بهن كل هذا التنكيل؟

– ضجرت من سخرتهن مني.

– كيف؟

– كن يستهزئن مني، ويعبن علي قصري الشديد، وكن يتناجين ضاحكات: أنت لست قصة قصيرة فحسب بل أنت ق ق ج.

– وما العيب في ذلك.

– قالت بأنني سأظل طيلة حياتي قاصرة، وهذا لا يروق لي أن أسمعه، فتركت مخالبي الحادة تنتشي بدماء خدودهن.

– تبا لك من عاقة سأزج بك في الربع الخالي.

– أين؟

– حيث تختّن القاصرات يا مغرورة !

– سا سا سامحني ثم، ثم، إنني، إنني، إن…

– إنك ماذا؟

– أحطت بما لم تحط به لا أنت، ولا شقيقاتي الكسولات اللواتي غلبهن النعاس ونمن دون أن يغيرن ملابسهن.

–  لا تبالغي وهاتي ما عندك؟

– جئتك بنبأ يقين.

– بماذا؟

– لقد قضم أحدهم أصبعه  قضمة عنيفة.

– كيف ذلك؟

– المسكين أقصد الأصبع، ضغط على جيم بعد أن قرأني، فما كان من صاحبه إلا أن كافأه بعضة قاسية، أجهزت على نصفه.

– هيا نامي الآن ولا تشعري شقيقاتك بهذا النبأ السيئ فيكدن لك كيدا.

– إن كيدهن عظيم.

– يا لك من مشاغبة !

 

* ققجيات: قصص قصيرة جدا.

أحدث المقالات

أحدث المقالات